قوله [تعالى]: (الله ولي الذين آمنوا) أي: متولي أمورهم، يهديهم، وينصرهم، ويعينهم.
والظلمات: الضلالة، والنور، الهدى، والطاغوت: الشياطين، هذا قول ابن عباس، وعكرمة في آخرين. وقال مقاتل: الذين كفروا: هم اليهود، والطاغوت: كعب بن الأشرف. قال الزجاج:
والطاغوت هاهنا: واحد في معنى جماعة، وهذا جائز في اللغة إذا كان في الكلام دليل على الجماعة. قال الشاعر:
بها جيف الحسرى فأما عظامها * فبيض وأما جلدها فصليب يريد جلودها، فإن قيل: متى كان المؤمنون في ظلمة؟ ومتى كان الكفار في نور؟ فعنه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن عصمة الله للمؤمنين عن مواقعة الضلال، إخراج لهم من ظلام الكفر، وتزيين قرناء الكفار لهم الباطل يحيدون به عن الهدى، إخراج لهم من نور الهدى، و " الإخراج " مستعار هاهنا. وقد يقال للممتنع من الشئ: خرج منه، وإن لم يكن دخل فيه. قال تعالى: (إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله) وقال: (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر). وقد سبقت شواهد هذا في قوله [تعالى]: (وإلى الله ترجع الأمور).
والثاني: أن إيمان أهل الكتاب بالنبي قبل أن يظهر نور لهم وكفرهم به بعد أن ظهر، خروج إلى الظلمات.
والثالث: أنه لما ظهرت معجزات رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم]، كان المخالف له خارجا من نور قد علمه، والموافق له خارجا من ظلمات الجهل إلى نور العلم.
ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتيه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين (258) قوله [تعالى]: (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه) قد سبق معنى " ألم تر ". وحاج:
بمعنى خاصم، وهو نمروذ في قول الجماعة. قال ابن عباس: ملك الأرض شرقها وغربها، مؤمنان.
وكافران، فالمؤمنان سليمان بن داود، وذو القرنين. والكافران: نمروذ، وبختنصر. قال ابن قتيبة:
معنى الآية: حاج إبراهيم، لأن الله آتاه الملك، فأعجب بنفسه.