الاختبار، وفي النهر لغتان:
إحداهما: تحريك الهاء، وهي قراءة الجمهور.
والثاني: تسكينها، وبها قرأ الحسن ومجاهد، وفي هذا النهر قولان:
أحدهما: أنه نهر فلسطين قاله ابن عباس والسدي.
والثاني: نهر بين الأردن وفلسطين، قاله عكرمة، وقتادة، والربيع بن أنس. ووجه الحكمة في ابتلائهم به أن يعلم طالوت من له نية في القتال منهم، ومن ليس له نية.
وقوله تعالى: (ليس مني) أي ليس من أصحابي.
قوله [تعالى]: (إلا من اغترف غرفة) قرأ ابن كثير ونافع، وأبو عمرو، " غرفة " بفتح الغين، وقرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي بضمها، قال الزجاج: من فتح الغين، أراد المرة الواحدة باليد، ومن ضمها، أراد ملء اليد. وزعم مقاتل أن الغرفة كان يشرب منها الرجل ودابته، وخدمه ويملأ قربته. وقال بعض المفسرين: لم يرد به غرفة الكف، وإنما أراد المرة الواحدة بقربة أو جرة، أو ما أشبه ذلك. وفي عدد القليل الذين لم يشربوا إلا غرفة قولان:
أحدهما: أنهم أربعة آلاف، قاله عكرمة والسدي.
والثاني: ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، وهو الصحيح، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قاله لأصحابه يوم بدر " أنتم بعدة أصحاب طالوت يوم لقاء جالوت " وكانوا يوم بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر.
قوله [تعالى]: (لا طاقة لنا) أي: لا قوة لنا، قال الزجاج: يقال: أطقت الشئ إطاقة وطاقة، وطوقا، مثل قولك: أطعته إطاعة وطاعة وطوعا. واختلفوا في القائلين لهذا على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم الذين شربوا أكثر من غرفة، فإنهم انصرفوا، ولم يشهدوا، وكانوا أهل شك ونفاق، قاله ابن عباس، والسدي.
والثاني: أنه قول الذين قلت بصائرهم من المؤمنين، قاله الحسن، وقتادة، وابن زيد.
والثالث: أنه قول الذين جاوزوا معه، وإنما قال ذلك بعضهم لبعض، لما رأوا من قلتهم، وهذا اختيار الزجاج.
قوله [تعالى]: (قال الذين يظنون) في هذا الظن قولان:
أحدهما: أنه بمعنى اليقين، قاله السدي في آخرين.
والثاني: أنه الظن الذي هو التردد، فإن القوم توهموا لقلة عددهم أنهم سيقتلون فيلقون الله.