لمكان الأوثان، فقيل لهم: إن نصب الأوثان بينهما قبل الاسلام لا يوجب اجتنابهما، فأعلم الله عز وجل أنه لا جناح في التطوف بهما، وأن من تطوع بذلك فإن الله شاكر عليم. والشكر من الله.
المجازاة والثناء الجميل، والجمهور قرؤوا (ومن تطوع) بالتاء ونصب العين منهم: ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، وقرأ حمزة، والكسائي " يطوع " بالياء وجزم العين. وكذلك خلافهم في التي بعدها بآيات.
فصل اختلفت الرواية عن إمامنا أحمد في السعي بين الصفا والمروة فنقل الأثرم أن من ترك السعي لم يجزه حجه. ونقل أبو طالب: لا شئ في تركه عمدا أو سهوا، ولا ينبغي أن يتركه. ونقل الميموني أنه تطوع.
قوله تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى) قال أبو صالح عن ابن عباس:
نزلت في رؤساء اليهود، كتموا ما أنزل الله في التوراة من البينات والهدى، فالبينات: الحلال والحرام والحدود والفرائض. والهدى: نعت النبي وصفته (من بعد ما بيناه للناس) قال مقاتل: لبني إسرائيل، وفي الكتاب قولان:
أحدهما: أنه التوراة وهو قول ابن عباس.
والثاني: التوراة والإنجيل، قاله قتادة. (أولئك) إشارة إلى الكاتمين (يلعنهم الله) قال ابن قتيبة: أصل اللعن في اللغة: الطرد، ولعن الله إبليس، أي: طرده، ثم انتقل ذلك فصار قولا. قال الشماخ وذكر ماء:
ذعرت به القطا ونفيت عنه * مقام الذئب كالرجل اللعين أي: الطريد. وفي اللاعنين أربعة أقوال:
أحدها: أن المراد بهم: دواب الأرض، رواه البراء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو قول مجاهد، وعكرمة.
قال مجاهد: يقولون إنما منعنا القطر بذنوبكم فيلعنوهم.
والثاني: أنهم المؤمنون، قاله عبد الله بن مسعود.
والثالث: أنهم الملائكة والمؤمنون، قاله أبو العالية، وقتادة.