والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون (159) قوله [تعالى]: (إن الصفا والمروة من شعائر الله).
في سبب نزولها ثلاثة أقوال:
أحدها: أن رجالا من الأنصار ممن كان يهل لمناة في الجاهلية - ومناة: صنم كان بين مكة والمدينة - قالوا: يا رسول الله! إنا كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة، فهل علينا من حرج أن نطوف بهما؟ فنزلت هذه الآية. رواه عروة عن عائشة.
والثاني: أن المسلمين كانوا لا يطوفون بين الصفا والمروة، لأنه كان على الصفا تماثيل وأصنام، فنزلت هذه الآية. رواه عكرمة عن ابن عباس وقال الشعبي: كان وثن على الصفا يدعى: إساف، ووثن على المروة يدعى: نائلة، وكان أهل الجاهلية يسعون بينهما ويمسحونهما، فلما جاء الإسلام كفوا عن السعي بينهما، فنزلت هذه الآية.
والثالث: أن الصحابة قالت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنا كنا نطوف في الجاهلية بين الصفا والمروة، وإن الله تعالى ذكر الطواف بالبيت، ولم يذكره بين الصفا والمروة، فهل علينا من حرج أن لا نطوف بهما، فنزلت هذه الآية. رواه الزهري عن أبي بكر بن بعد الرحمن عن جماعة من أهل العلم. قال إبراهيم بن السري: الصفا في اللغة: الحجارة الصلبة الصلدة التي لا تنبت شيئا، وهو جمع، واحده صفاة وصفا، مثل: حصاة وحصى. والمروة: الحجارة اللينة، وهذان الموضعان من شعائر الله، أي: من أعلام متعبداته. وواحد الشعائر: شعيرة. والشعائر: كل ما كان من موقف أو مسعى أو ذبح. والشعائر: من شعرت بالشئ: إذا علمت به فسميت الأعلام التي هي متعبدات الله: شعائر. والحج في اللغة: القصد، وكذلك كل قاصد شيئا فقد اعتمره. والجناح: الإثم، أخذ من جنح: إذا مال وعدل، وأصله من جناح الطائر، وإنما اجتنب المسلمون الطواف بينهما،