وفي الذي أنزل على الملكين قولان:
أحدهما: أنه السحر، روي عن ابن مسعود والحسن، وابن زيد.
والثاني: أنه التفرقة بين المرء وزوجه، لا السحر، روي عن مجاهد وقتادة، وعن ابن عباس كالقولين. قال الزجاج: وهذا من باب السحر أيضا.
الإشارة إلى قصة الملكين ذكر العلماء أن الملكين إنما أنزلا إلى الأرض لسبب، وهو أنه لما كثرت خطايا بني آدم، دعت عليهم الملائكة، فقال الله تعالى: لو أنزلت الشهوة والشياطين منكم منزلتهما من بني آدم، لفعلتم مثل ما فعلوا، فحدثوا أنفسهم أنهم إن ابتلوا، اعتصموا، فأوحى الله إليهم أن اختاروا من أفضلكم ملكين، فاختاروا هاروت وماروت. وهذا مروي عن ابن مسعود، وابن عباس.
واختلف العلماء: ماذا فعلا من المعصية على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهما زنيا، وقتلا، وشربا الخمرة، قاله ابن عباس.
والثاني: أنهما جارا في الحكم، قاله عبيد الله بن عتبة.
والثالث: أنهما هما بالمعصية فقط. ونقل عن علي، عليه السلام، أن الزهرة أتتهما وهي امرأة فأرادها كل واحد منهما على نفسها، ولم يعلم صاحبه، وكانا يصعدان السماء آخر النهار، فقالت لهما: بم تهبطان وتصعدان؟ قالا: باسم الله الأعظم، فقالت: ما أما بمواتيتكما إلى ما تريدان حتى تعلمانيه، فعلماها إياه، فطارت إلى السماء، فمسخها الله كوكبا.
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم " لعن الزهرة، وقال: إنها فتنت ملكين " وتأول بعضهم، هذا فقال: إنه لما رأى الكوكب، ذكر تلك المرأة، لا أن المرأة مسخت نجما.
واختلف العلماء في كيفية عذابهما، فروي عن ابن مسعود أنهما معلقان بشعورهما إلى يوم القيامة، وقال مجاهد: إن جبا ملئ نارا فجعلا فيه.
فأما بابل، فروي عن الخليل أن ألسن الناس تبلبلت بها. واختلفوا في حدها على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها: الكوفة وسوادها، قاله ابن مسعود.