على تلك الكتب وقال: إنما كان سليمان يضبط أمر الخلق بهذا، ففشا في الناس أن سليمان كان ساحرا، واتخذ بنو إسرائيل تلك الكتب، فلما جاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم، خاصموه بها، هذا قول السدي.
وسليمان: اسم عبراني، وقد تكلمت به العرب في الجاهلية، وقد جعله النابغة سليما ضرورة، فقال:
ونسج سليم كل قضاء ذائل واضطر الحطيئة فجعله: سلاما، فقال:
فيه الرماح وفيه كل سابغة * جدلاء محكمة من نسج سلام وأرادا جميعا: داود أبا سليمان، فلم يستقم لهما الشعر، فجعلاه: سليمان وغيراه. كذلك قرأته على شيخنا أبي منصور اللغوي. وفي قوله: (وما كفر سليمان) دليل على كفر الساحر، لأنهم نسبوا سليمان إلى السحر، لا إلى الكفر.
قوله [تعالى]: (ولكن الشياطين كفروا).
وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم بتشديد نون (ولكن) ونصب نون (الشياطين).
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بتخفيف النون من (لكن) ورفع نون (الشياطين).
قوله [تعالى]: (وما أنزل على الملكين) وقرأ ابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير والزهري (الملكين) بكسر اللام، وقراءة الجمهور أصح.
وفي " ما " قولان:
أحدهما: انها معطوفة على " ما " الأولى، فتقديره: واتبعوا ما نتلو الشياطين وما أنزل على الملكين.
والثاني: أنها معطوفة على السحر، فتقديره. يعلمون الناس السحر، ويعلمونهم ما أنزل على الملكين. فإن قيل: إذا كان السحر نزل على الملكين، فلماذا كره؟ فالجواب من وجهين: ذكرهما، ابن السري:
أحدهما: أنهما كانا يعلمان الناس: ما السحر، ويأمران باجتنابه، وفي ذلك حكمة، لأن سائلا لو قال: ما الزنى؟ لوجب أن يوقف عليه، ويعلم أنه حرام.
والثاني: أنه من الجائز أن يكون الله تعالى امتحن الناس بالملكين، فمن قبل التعلم كان كافرا، ومن لم يقبله فهو مؤمن، كما امتحن بنهر طالوت.