أمية: لن أؤمن لك حتى تأتي بكتاب من السماء، فيه: من الله رب العالمين إلى ابن أمية: اعلم أني قد أرسلت محمدا إلى الناس. وقال آخر: هلا جئت بكتابك مجتمعا، كما جاء موسى بالتوراة.
فنزلت هذه الآية. ذكره محمد بن القاسم الأنباري.
وفي المخاطبين بهذه الآية ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم قريش، قاله ابن عباس ومجاهد.
والثاني: اليهود، قاله مقاتل.
والثالث: جميع العرب، قاله أبو سليمان الدمشقي.
وفي (أم) قولان:
أحدهما: أنها بمعنى: بل، تقول العرب: هل لك علي حق، أم أنت معروف بالظلم.
يريدون: بل أنت. وأنشدوا:
بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى * وصورتها أم أنت في العين أملح ذكره الفراء والزجاج.
والثاني: انها بمعنى الاستفهام. فإن اعترض معترض، فقال: إنما تكون للاستفهام إذا كانت مردودة على استفهام قبلها، فأين الاستفهام الذي تقدمها؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أنه قد تقدمها استفهام، وهو قوله: (ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير)، ذكره الفراء، وكذلك قال ابن الأنباري: هي مردودة على الألف في: (ألم تعلم) فإن اعترض على هذا الجواب، فقيل: كيف يصح العطف ولفظ: (ألم تعلم) ينبئ عن الواحد، و (تريدون) عن جماعة؟ فالجواب: أنه إنما رجع الخطاب من التوحيد إلى الجمع، لأن ما خوطب به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد خوطبت به أمته، فاكتفى به من أمته في المخاطبة الأولى، ثم أظهر المعنى في المخاطبة الثانية.
ومثل هذا قوله [تعالى]: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن). ذكر هذا الجواب ابن الأنباري. فأما الجواب الثاني عن (أم)، فهو أنها للاستفهام، وليست مردودة على شئ. قال الفراء: إذا توسط الاستفهام الكلام، ابتدئ بالألف وبأم، وإذا لم يسبقه كلام، لم يكن إلا بالألف أو ب " هل ". وقال ابن الأنباري: " أم " جارية مجرى " هل "، غير أن الفرق بينهما: أن " هل " استفهام مبتدأ، لا يتوسط ولا يتأخر، و " أم ": استفهام متوسط، لا يكون إلا بعد كلام.
فأما الرسول هاهنا: فهو: محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والذي سئل موسى من قبل قولهم: (أرنا الله جهرة).