وينتظره الهداية والصراط المستقيم، فمن هذه الآية التي هي من أعاجيب آيات الذكر الحكيم يتبين صدق مقالتنا، ويستظهر ابتلاء السالك في جميع آنات السلوك بالآفات والموانع.
فيا أخي وشقيقي: لا تظن اختصاص هذه الآيات وتلك الأمثال بالفئة المنافقين والجماعة الكافرين، فإنك من زمرتهم وعدتهم، فرب إنسان بلغ في سيره العلمي إلى قصواه، وأدرك في طريقه التعليمي مناه وحظه الأوفر ونصيبه الأكثر، ولكن قلوبهم خالية عن نصيبها وحظها، وما ذاق منها ما ينتفع بها ويتوجه إليها، بل هو بعد خامد ونار طافئة، فإن تلك المفاهيم بمنزلة النار المستوقدة التي يستضئ بها التي استوقدها في مرحلة الابتداء وفي المنزل الأول، وأضاءت ما حوله من السطوح النفسانية والأقشار البدوية، * (ذهب الله بنورهم) * ولم تؤثر تلك النار فيما كان ينبغي أن تؤثر فيه، ولم ينتفع المستضئ، إلا بحسب الميول الوهمية، واللذات الخيالية، والكمالات الأولية.
وبالجملة: جميع المتعلمين من أهل الظاهر والباطن، وكافة المشتغلين بعلوم حقيقية وغير حقيقية ليسوا مأمونين عن الانسلاك في هذه الآيات، وعن الاندراج تحت هذه التحذيرات والإيقاظات، ولا يخص بذلك بعضهم دون بعض، كما توهمه صاحب " الحكمة المتعالية " (قدس سره) (1) فإن مجرد الاشتغال بالعلوم العقلية غير كاف للهداية إلى تلك السبل والمنازل، بل ربما تكون العلوم العقلية أغلظ حجابا من غيرها، لمكان