التشبيه من المحافظة على جلالة قدر المأمول، وعلى تعظيم أمر المحبوب والمطلوب، فإن المنافق ينتفع أحيانا من إظهار الإسلام بحفظ أموالهم وحقن دمائهم، ومن الممكن انسحاب أذيالهم إلى عقد القلب به، والعمل على طبقه خالصا مخلصا.
وإن شئت قلت ثالثا: إن في عين التحقير والهتك والتوهين، وفي نفس التذليل وبيان أحوالهم اللا إنسانية، روعي في هذا التشبيه جانب الرأفة بهم والعطف عليهم، لإمكان اهتدائهم وانفتاح أبواب السعادة عليهم، فإنهم إذا علموا أن ما صنعوه وأظهروه من الإسلام الصوري، لا يوجب وقوعهم في الضلالة الأبدية، ولا يستلزم سوء أفعالهم وعقائدهم، ولا ينجر سوء مقاصدهم إلى كون الإسلام الصوري واللاإسلام واحدا أو أسوأ، بل هذه المرتبة من الإسلام - أيضا - فيها الضوء والنار والنور، إلا أنه نار على المنار، لا يتنور به إلا ما حوله من الجهات الست المحيطة به، المحدودة لأجل محدوديتهم، ولا يستضاء به إلا في لحظات قصيرة لما يذهب الله تعالى بنورهم.
ففي هذا النحو من التشبيه كمال الغاية إلى المحافظة على المنافقين أيضا، لئلا يسد جميع الأبواب عليهم، ولئلا يخمد في نفوسهم نور الرجاء والأمل، فإن هذا القرآن كتاب الهداية من جميع الضلالات، ودستور الوقاية من كافة أنحاء الشقاوة، ولا ينقطع من نظر إليه رجاؤه، ولا يسلب من تأمل فيه تأميله ومطلوبه ولو كان بالغا في الشقاوة أقصاها، واصلا في الحركة الذاتية منتهاها.
فبحمد الله وله الشكر، تبين أنه لا حاجة إلى التفكيك الذي