3 - أن المستوقد كان له نور، فذهب الله بنورهم، والمنافق لا نور له.
وقد تصدوا للجواب عنها (1)، غافلين عن أن وجه الشبه في التشبيهات بل والاستعارات، لا يعتبر أن يكون تاما مستوعبا لجميع النواحي والجوانب، فإن المنافقين بما أنهم أرادوا الباطل حقيقة، ودخلوا في الحق صورة وتظاهرا، فأوقدوا نارا يحرق بها الأباطيل، وأشعلوا ضياء يستولي على الخبائث، ويزول بها الكدورات والرذائل، ويتجلي به الحسنات والفضائل، والنعوت العاليات والأوصاف الكاملة، والكمالات المكنونة في النفوس الإنسانية والقلوب البشرية والمجتمعات المدنية، ولكنهم أخمدوها وأطفؤوها، وذهب الله بنورهم، وتركهم في ظلمات الحيرة والبطلان، وفي جهالة الضلالة والعصيان، وهم بعد ذلك لا يبصرون شيئا، ولا يهتدون سبيلا.
وإن شئت قلت: في هذا التمثيل إشعار بجلالة الإسلام وعظمة الإقرار باللسان، والإيمان بدون العمل بالأركان ولا العقد عليهما في الأذهان، فإن الإسلام بمراتبه عظيم فخم، ذو آثار قيمة ومحاسن طيبة، من مرتبة التظاهر المقرون بالنفاق إلى الرتبة العليا التي لا تنالها أيدي الخواص، فضلا عن العوام.
فلإفادة هذه الخاصة شبهوا - في نفاقهم الفاسد وفي خلقهم الكاسد - بالنار الواقد المشتعل المضئ في الجملة، والضيق مكانا لما لا يستضاء منه إلا ما حولهم، ولا يدوم زمانا لما يذهب الله بنورهم، فلابد في