وعلى الدقة في الجملة الأولى يظهر: أن النار التي وقودها الناس ليست مشتعلة بالفعل، وإذا لم تكن النار مشتعلة بالفعل، فليست موجودة بالفعل، لأن الاشتعال فرع الوقود، وإذا كان الوقود في الدنيا والنار في الآخرة، فلا تكون موجودة طبعا.
وقضية الدقة في الجملة الثانية: أنها مهيأة بالفعل، وحاضرة في الساعة للكافرين، فيدخلونها ويتوطنونها وينزلون بساحتها، فساء صباح المنزلين.
ثم إن أرباب الآراء وأصحاب الاختلاف والفتيا اختلفوا: في أن الجنة والنار هل هما مخلوقتان، أو هما غير مخلوقتين؟ فإن كانتا مخلوقتين فأنى محلهما؟
وقد وردت في المسألة أخبار وروايات عامية (1)، وفي أخبارنا أيضا (2)، والكل مضطربة حسب الظاهر، ومتكاذبة بحسب الدلالات الوضعية والظهورات اللغوية والعرفية.
وقد وردت الأخبار الأخر الناظرة إلى أن الروايات تعرض على كتاب الله فما كان منها موافقا له فخذوه، وما خالفه فاطرحوه (3)، وما وجد له شاهد أو شاهدان من كتاب الله يؤخذ به، والمخالف يضرب على الجدار (4).
وقد ذهب جمع من أساطين الحديث إلى أن هذه الأخبار العلاجية،