تعالى، وهو الجبر المستتبع لكونه تعالى ممكنا، ويرجع هذا إلى الأول كما لا يخفى على أهله.
وإن قلنا: بأن كل شئ علة ذاتية تامة مستقلة لمعلوله فهو أيضا إنكار العلية، لأن لازم ذلك تعدد الوجوب الذاتي، المستلزم في النتيجة تعدد الإله، المستتبع لفساد العالم، فإنكار قانون العلية معناه إنكار ما هو الحق في معنى العلية في العالم.
وما هو حقيقتها: أنه ليس الأشياء مستندة إلى عللها، إلا على معنى متوسط لا يلزم منه إهمال الوسائط، ولا إهمال المبدأ الأعلى، وهو معنى الأمر بين الأمرين الذي ورد عليه النص في مذهبنا الإمامي، ويساعد عليه البرهان القويم في حكمتنا العالية، ويشاهد بالمشاهدات العرفانية والمكاشفات الربانية.
وبالجملة: لابد من انضمام القديم الأزلي إلى الحادث فيما لا يزال في حدوث الحادث، الذي هو بين أيدينا من الكائنات، ولكن ليس هذا الانضمام دون شأن الوجوب الذاتي، وفوق حد الممكن والفقير الحقيقي الربطي، ولا شق ثالث في أية زاوية تراها في العالم، ولا في خابية من الخبايا في الدنيا الآخرة. لا يعقل إهمال الواسطة، ولا حذف المبدأ وذي الواسطة، فتوهم: أن ناقة صالح مستندة إلى الإرادة الأزلية، وقصة وجود عيسى (عليه السلام) إلى العلة الأولى بلا توسط مبادئ العلية والمعلولية.
وهكذا الكتب السماوية، ومنها القرآن العزيز، فإنها أيضا ذات علل طولية، أصلية وظلية، ذاتية وعرضية، كسائر الكتب التي بين أيدينا، من غير اختلاف في جزئي من جزئيات الأمور في هذا الناحية العامة