الحديث كابن عباس والسدي (1) ومقاتل، أو اختصاصهم بالأعوان والأنصار الآدميين، كما عن ابن قتيبة وجمع آخر، وفيهم أيضا ابن عباس (2)، أو الأعوان من الجن وغيرهم، كله غير واقع في محله، فإن المدعي في هذه المعركة وفي هذا الحوار في سعة من أمره.
وأما قول مجاهد: أنهم يأتون بمن يشهد لهم في مجلس الدعوى والمبارزة (3)، فهو مبني على كون الأمر للاستهزاء، وهذا خلاف التحقيق، فإن الكلام مبني على الجد والتحقيق والاستدلال لحاضري مكة والحجاز وسائر البلدان في جميع الأعصار والأزمان، وليس ما توهموه شأن القرآن في هذا الميدان.
ومن هنا يظهر: أن إضافة الشهداء إليهم ليست لأجل أن شهداءهم ينصرونهم واقعا، ويشهدون لهم حقيقة، بل ربما يحضر المدعي البينة في مجلس القضاء، والبينة بعد الاستماع إلى أطراف القضية، تشهد على خلاف المدعي وعلى بطلان دعواه.
وكان في هذه الآية ونظائرها إبراز وإظهار لعظمة القرآن على وجه لو كانوا يأتون بشهدائهم وأنصارهم وأعوانهم من كل جنس كان، لكان الأمر ينقلب عليهم بعد المقايسة بين الآتي من السماء والآتي من الأرض وبعد الاطلاع على حد الفضل بينهما في الشرافة والرفعة والعظمة.