المعنوي ":
من نكردم خلق تا سودى كنم * بلكه تا بر بندگان جودي كنم (1) ولكنه منه من باب التنازل والتربية، وإلا فأمثال هذه المعارف ليست مخفية على مثله.
وقد ورد في أخبارنا ما يومئ إليه، ومنه الحديث القدسي: " كنت كنزا مخفيا فأحببت أن اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف " (2)، ومنه: " لولاك لما خلقت الأفلاك " (3)، و " خلقت الأشياء لأجلك وخلقتك لأجلي " (4)، فتكون الغاية بالذات نفس ذاته تعالى التي هي مبدأ المبادئ وغاية الغايات، ولكن هذه الآية وأشباهها تدل على أنه تعالى يفعل للداني، حيث * (جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم) *.
والتحقيق: أن اللام لا تدل إلا على أصل الغاية، وأما أنها للغاية القصوى فهي خارجة عن مفهومها ومضمونها، فلا ينافي أن تكون هذه الأفعال ذات غايات طولية، فتأمل.
ويمكن أن تكون هي للغاية بمعنى ما إليه الحركة، لا ما لأجله الحركة، كما تحرر في محله، فتكون اللام هنا للغاية، ولكن الغاية التي هي لأجلها الخلق أمر آخر أرفع وأسنى، فكن على بصيرة من الله تعالى.