وثانيا: أن الشفاعة - كما تأتي بتفصيل إن شاء الله تعالى - مما رخص به القرآن العزيز لمن ارتضى له الله تعالى، ومنه قوله تعالى:
* (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) * (1)، وقوله تعالى: * (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) * (2) فإذا أذن بذلك فلا منع منه عقلا ولا شرعا.
وثالثا: ينافي ما قيل قوله تعالى في سورة يوسف: * (قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين) * (3)، وقوله تعالى في سورة المائدة: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) * (4) وفي سورة الإسراء:
* (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة) * (5).
فبالجملة: التوسل إلى غير الله تعالى ليس من المقبحات العقلية حتى يمتنع الترخيص.
نعم يمكن المناقشة في الآية الأولى: بأن نقل مقال إخوان يوسف لا يدل على رضى الشرع بذلك.
وفي الآية الثانية: أن المقصود من الوسيلة هي الصلاة وفعل الخيرات وإقام الزكاة والحج والجهاد. نعم هذا خلاف إطلاق الآية المعارض بإطلاق الآية في المقام، ولو سلمنا دلالة هذه الآية على المنع عن الاستعانة بغير الله على الوجه الكلي، تكون الآية مقدمة على هذه