فلا موقع لقوله: * (وأنتم تعلمون) *. ودعوى أنهم كانوا عالمين بما هو الحق، ومع ذلك يعبدون اللات والعزى، جزاف غير صحيحة جدا، وينافيه ما حكاه القرآن عن قولهم بأنهم يعبدونهم ليقربوهم إلى الله زلفى.
فما الحيلة في الفرار عن هذه المناقضة؟
ويمكن أن يقال: إن قوله تعالى: * (وأنتم تعلمون) * تحريكهم إلى الاتباع والانصراف عن الشرك وعبادة الأوثان، وفي ذلك نوع تعمية أدبية وإصلاح لمجتمع العرب في ذلك الوقت، وتوجيه إلى أنه ينبغي أن يعلموا هذه الأمور، بل هم يعلمون، وغير ذلك من العبائر المتعارفة في هذا المقام.
ويحتمل أن تكون الآية ناظرة إلى جميع الجاعلين الأنداد لله تعالى في أعمالهم وأفعالهم والذين لم يجعلوا ولكنهم في معرض الجعل وهم عالمون بعدم صحة ذلك، فالآية تعرضت لتنبيه الأمة إلى ترك عبادة غير الله، سواء كان من عبادة الأوثان أو كان من قبيل الرياء، فالخطاب عام، وقوله تعالى: * (وأنتم تعلمون) * أيضا بلحاظ عموم العالمين، وإن كان فيهم من لا يعلم بقبح فعاله وفساد صنعه، ومن الممكن أنه أريد بذلك أنهم يعلمون في المستقبل تبعات أفعالهم الفاسدة وأعمالهم الباطلة.
وعن مجاهد وغيره: أن المراد بذلك أهل التوراة والإنجيل دون غيرهم، أي تعلمون ذلك في الكتابين (1). انتهى.
وأنت خبير: بأن المشكلة والأزمة لا تنحل بذلك، لأن الذين يجعلون الأنداد ليسوا معاندين لله تعالى، مع علمهم بعدم صحة فعلهم، بل هم