وجعلها له، على أن الضرورة قاضية بأن مجرد جعل الند له تعالى، لا يكفي لكونه ندا له تعالى.
أقول: قد مر أن النهي هنا للإرشاد إلى قباحة جعل الند، وأما المراد من الجعل، فهو في المسائل الاعتقادية والجانحية بمعنى الاعتقاد والبناء والالتزام به، فيكون النهي مرشدا إلى سوء هذا الاعتقاد، وسوء الالتزام بالشريك في الذات أو الصفات أو التأثير، فهذا النهي متوجه إلى عموم الناس المختلفين في جعل الأنداد، ويزجر الكتاب العزيز جميع الفرق المختلفة عن هذه الناحية طرا وكلا، وأما في المسائل العملية والجارحية فهو بمعنى التشريك في العبادة، بجعل الغير دخيلا، إما في نفس العبودية، أو في التحرك والانبعاث نحو العبودية، فعلى كل حال المفهوم واحد، والنهي ليس إلا الزجر الاعتباري عن الطبيعة المتعلقة بها، ولكن تختلف الجهات باختلاف الإضافات والأطراف، كما لا يخفى.