الأرض كثيرة، وهذه الآية كأنها بصدد بيان: أن الأمور كلها بيد الله جوهرها وعرضها، فجعل الله لكم الأرض فراشا، لا أن الله خلق لكم الأرض وكانت الأرض بطبعها فراشا، فإن الافتراش من تبعات الأرض وأوصافها التي تقبل الجعل، كما لا يخفى على أهله.
وغير خفي: أن من المحتمل أن يكون قوله تعالى: * (الذي) * مبتدأ، وخبره قوله: * (فلا تجعلوا) * (1)، ودخول الفاء على الخبر محل خلاف، وهذه الآية تدل على جوازه، ويكون فصلا في تلك المسألة النحوية المختلف فيها، ولكن الشأن أن الأمر ليس كما توهم كما لا يخفى.
قوله تعالى: * (والسماء بناء) * فيه من الاحتمالات ما مضى، ويحتمل كون الواو للحال فيقرأ: " والسماء " بالرفع، وهكذا " البناء ".
قوله تعالى: * (وأنزل من السماء ماء) * يحتمل كونه حالا، والعطف متعين، إلا أنه ليس عطفا على قوله: * (جعل لكم الأرض فراشا) * بل معطوف على قوله: * (جعل لكم... السماء بناء وأنزل من السماء ماء) *. وفي كلمة " من " خلاف: قيل: هو للابتداء (2)، وقيل: هو للتبعيض، ويحتمل أن يكون متعلقا بمحذوف، على أن تكون في موضع الحال من " ماء " والقول بأن المضاف محذوف - أي من مياه السماء (3) - غلط، والأقوى من بين الاحتمالات أنه متعلق بكلمة " أنزل "، والمراد من " السماء " هو معناه المعروف، وسيمر