والجعفرية، وهو أن المخاطبة الحقيقية لا تحصل بين الرب والمربوب، فإن جبرئيل يحكي للرسول الأعظم، وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) يحكي للأمة، فلا يخاطب الله تعالى أحدا، لا جبرئيل أمين الوحي، ولا الرسول المبلغ، ولا الأمة الإسلامية، كما لا يخاطب جبرئيل الرسول الأعظم، ولا الرسول أحدا، فما في الكتاب الإلهي كله بشكل الخطاب والنداء، وليس بواقعهما، وحكاية الأمر والنهي توجب الامتثال قهرا، ولكن لا يكون الخطاب حاصلا بين الآمر والمأمور والناهي والمنهي عنه وهكذا، ولنا في هذه الورطة بحث عميق خارج عن أفق الخاص، بل خاص الخاص، ربما نشير إليه في المسائل الراجعة إلى كيفية الإيحاء والوحي، ويحصل هناك أن الخطاب يمكن أن يحصل حقيقة، فافهم واغتنم.
وبالجملة: تحصل أن أمثال الخطابات القرآنية ولو لم يكن خطابا حتى يستتبع المحاذير العقلية، ولكنها قانون عام كلي يشترك فيه الحاضر والباد، والمعدوم حين المعدومية لا شئ حتى يتوجه إليه التكليف، وإذا صار شيئا يسمى إنسانا، يتوجه إليه هذه الخطابات بحسب ما يشتمل عليه من الأحكام التكليفية والوضعية، نعم المجنون وغير البالغ إما خارجان للانصراف، أو لدليل، والتحقيق عدم تمامية الانصراف.
نعم بحكم العقل لا يتنجز التكليف بالنسبة إلى المجنون ومن يلحق به، وبحكم الشرع لا يتنجز التكليف بالنسبة إلى طائفة من غير البالغين، ولا ينبغي الخلط بين الشمول الإنشائي والشمول على نعت التنجيز، كما تحرر في الأصول بتفصيل.