والعتاب يكون بالاستحقاق، سواء كان بنحو الجعالة أو التبعية، ولكن الثواب والأجر والجنة والجزاء هل هو بالاستحقاق، فيكون العبد ذا حق على ربه، أم هو بالإفضال والإنعام؟ وتفصيل المسألة يأتي في مناسبة أوضح وذيل بعض الآيات الأخر إن شاء الله تعالى.
وإجماله: أن هذه الآية ربما تدل على أن الاستحقاق بلا أساس، لأن الأمر بالعبادة يكون معللا: بأن الرب يستحق العبودية، لأنه الذي خلقكم وخلق من كان قبلكم، وما يأتي بعد ذلك فلا يستحقون شيئا، بل اللازم والواجب عليهم عقلا أو شرعا، هي عبادته لأجل هذه الجهة وتلك النعمة والعطية.
وأنت خبير بما فيه، فإن الترغيب بعبادة الله تعالى، وتوجيه الملة الإسلامية وغير الإسلامية إلى الطريقة الصحيحة في عبادتهم، بترك عبادة غيره تعالى من الأوثان المنصوبة على أكتاف الكعبة أو الأوثان والأصنام الإنسانية بالتوجه إلى الدنيا وشؤونها في العبادة بل وشؤون الآخرة في باطن ذواتهم وحقيقة حالهم، كما مضى تفصيله فيما سلف ذيل سورة الفاتحة بعونه تعالى وهدايته، فإن الترغيب من الأمور العقلائية، الرائجة بين الموالي العرفية والعبيد، من غير تناف بين ذلك وبين كونها بالاستحقاق إذا اقتضى الدليل الآخر ذلك، فهذه الآية لا تدل على أن علة وجوب العبادة هو التقييد المذكور في الآية، لأن التقييد والتوصيف يمكن أن يكون بلحاظ أمر آخر أشير إليه، فلا تخلط.