والشاهد هو المبين لما يشهد به، والله سبحانه يبين ما أنزل على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بنصب المعجزات له، ويبين صدقه بما يغني عن بيان أهل الكتاب (أنزله بعلمه) معناه:
أنزل القرآن، وهو عالم بأنك موضع لإنزاله عليك، لقيامك فيه بالحق، ودعائك الناس إليه. وقيل: معناه أنزل القرآن الذي فيه علمه، عن الزجاج. (والملائكة يشهدون) بأنك رسول الله، وأن القرآن نزل من عند الله (وكفى بالله شهيدا) معناه:
إن شهادة الله تكفي في تثبيت المشهود به، ولا يحتاج معها إلى شهادة.
وفي هذه الآية تسلية النبي على تكذيب من كذبه، ولا يصح قول من استدل على أن الله سبحانه عالم بعلم (1) بما في هذه الآية من قوله (أنزله بعلمه)، لأنه لو أراد بالعلم ما ذهبوا إليه، من كونه ذاتا سواه، لوجب أن يكون آلة له في الإنزال، كما يقال: كتبت بالقلم، وعمل النجار بالقدوم (2)، ولا خلاف أن العلم ليس بآلة في الانزال.
(إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضللا بعيدا [167] إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا [168] إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا [169] المعنى: (إن الذين كفروا) بأنفسهم، (وصدوا) غيرهم، (عن سبيل الله): عن الدين الذي بعثك الله به إلى خلقه، (قد ضلوا ضلالا بعيدا) يعني:
جاوزوا عن قصد الطريق جوازا شديدا، وزالوا عن الحجة التي هي دين الله الذي ارتضاه لعباده، وبعثك به إلى خلقه، زوالا بعيدا عن الرشاد (إن الذين كفروا):
جحدوا رسالة محمد، (وظلموا) محمدا بتكذيبهم إياه، ومقامهم على الكفر على علم منهم بظلمهم أولياء الله حسدا لهم، وبغيا عليهم، (لم يكن الله ليغفر لهم) أي: لم يكن الله ليعفو لهم عن ذنوبهم، بترك عقابهم عليها، (ولا ليهديهم طريقا) أي: لا يهديهم إلى طريق الجنة، لان الهداية إلى طريق الايمان قد سبقت، وعم الله بها جميع المكلفين، (إلا طريق جهنم) معناه لكن يهديهم طريق جهنم جزاء لهم على ما فعلوه من الكفر والظلم. (خالدين فيها) أي: مقيمين فيها (أبدا وكان