والجبائي، قال: وعنى بقوله (من حسنة): من نعمة في الدين والدنيا، فإنها من الله (وما أصابك من سيئة): أي من المعاصي (فمن نفسك) وقيل: عنى بالحسنة: ما أصابهم يوم بدر من الغنيمة، وبالسيئة ما أصابهم يوم أحد من الهزيمة، عن ابن عباس.
قال أبو مسلم: معناه لما جدوا في القتال يوم بدر، وأطاعوا الله، آتاهم النصر. ولما خالفوا يوم أحد، خلى بينهم، فهزموا. وقيل: الحسنة: الطاعة.
والسيئة: المعصية، عن أبي العالية. قال أبو القسم: وهذا كقوله: (وجزاء سيئة سيئة مثلها) وقيل: الحسنة: النعمة، والرخاء. والسيئة: القحط، والمرض، والبلاء، والمكاره، واللأواء، والشدائد، التي تصيبهم في الدنيا بسبب المعاصي التي يفعلونها، وربما يكون لطفا، وربما يكون على سبيل العقوبة، وإنما سماها (سيئة) مجازا، لان الطبع ينفر عنها، وإن كانت أفعالا حسنة غير قبيحة، فيكون المعنى على هذا: ما أصابك من الصحة، والسلامة، وسعة الرزق، وجميع نعم الدين، والدنيا فمن الله. وما أصابك من المحن، والشدائد، والآلام، والمصائب، فبسبب ما تكسبه من الذنوب، كما قال: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) وقوله: (فمن نفسك) معناه: فبذنبك، عن الحسن، وجماعة من المفسرين.
وفسره أبو القسم البلخي فقال: ما أصاب المكلف من مصيبة، فهي كفارة ذنب صغير، أو عقوبة ذنب كبير، أو تأديب وقع لأجل تفريط، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " ما من خدش بعود، ولا اختلاج عرق، ولا عثرة قدم، إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر " وقيل: (فمن نفسك) أي: من فعلك. وقال علي بن عيسى: " وفي الآية دلالة على أن الله لا يفعل الألم إلا على وجه اللطف، أو العقاب، دون مجرد العوض، لان المصائب إذا كانت كلها من قبل ذنب العبد، فهي إما أن تكون عقوبة، وإما أن تكون من قبل تأديب للمصلحة " وقوله: (وأرسلناك للناس رسولا) معناه: ومن الحسنة إرسالك يا محمد، ومن السيئة خلافك يا محمد (وكفى بالله شهيدا) لك وعليك. وقيل في معنى اتصاله بما قبلها: إن ما أصابهم فبشؤم ذنوبهم، وإنما أنت رسول، طاعتك طاعة الله، ومعصيتك معصية الله، لا يطير بك، بل الخير كله فيك (وكفى بالله شهيدا) أي كفى الله، ومعناه: حسبك الله