مرض، ولا وجع، غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة، فأخاف أني لا أراك هناك، لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين، وإني إن أدخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل الجنة فذاك حتى لا أراك أبدا! فنزلت الآية، ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: والذي نفسي بيده لا يؤمنن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وأبويه، وأهله، وولده، والناس أجمعين وقيل: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: ما ينبغي لنا أن نفارقك، فإنا لا نراك إلا في الدنيا، وأما في الآخرة، فإنك ترفع فوقنا بفضلك، فلا نراك! فنزلت الآية، عن قتادة، ومسروق بن الأجدع.
المعنى: ثم بين سبحانه حال المطيعين فقال: (ومن يطع الله) بالانقياد لامره ونهيه، (والرسول) باتباع شريعته والرضى بحكمه، (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم) في الجنة. ثم بين المنعم عليهم فقال: (من النبيين والصديقين) يريد أنه يستمتع برؤية النبيين والصديقين، وزيارتهم، والحضور معهم، فلا ينبغي أن يتوهم من أجل أنهم في أعلى عليين، أنه لا يراهم. وقيل، في معنى الصديق: إنه المصدق بكل ما أمر الله به وبأنبيائه، لا يدخله في ذلك شك، ويؤيده قوله (والذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصديقون).
(والشهداء): يعني المقتولين في الجهاد، وإنما سمي الشهيد شهيدا، لقيامة بشهادة الحق على جهة الاخلاص، وإقراره به، ودعائه إليه، حتى قتل. وقيل: إنما سمي شهيدا، لأنه من شهداء الآخرة على الناس، وإنما يستشهدهم الله بفضلهم وشرفهم، فهم عدول الآخرة، عن الجبائي. وقال الشيخ أبو جعفر (رض): هذا لا يصح على مذهبه، فعنده لا يجوز أن يدخل الجنة إلا من هو عدل، والله سبحانه وتقدس، وعد من يطيعه بأنه يحشره مع هؤلاء، وينبغي أن يكون الموعود له غير الموعود بالكون معه وإلا فيصير التقدير أنهم مع نفوسهم. (والصالحين)، معناه:
صلحاء المؤمنين الذين لم تبلغ درجتهم درجة النبيين، والصديقين، والشهداء.
والصالح: الفاعل للصلاح، الملازم له، المتمسك به. ويقال: هو الذي صلحت حاله، واستقامت طريقته. والمصلح: الفاعل لما فيه إصلاح، ولذلك يجوز المصلح في صفات الله تعالى، ولا يجوز الصالح. وإنما يقال: رجل صالح، أو مصلح، لأنه يصلح نفسه وعمله (وحسن أولئك رفيقا) معناه.: من يكون هؤلاء رفقاء