الإعراب: (لو): يمتنع بها الشئ لامتناع غيره، تقول: لو أتاني زيد لأكرمته. فالمعنى إن إكرامي امتنع لامتناع إتيان زيد فحقها أن يليها الفعل، فالتقدير هنا: لو وقع كتبنا عليهم، ويجوز أن يكون أن الشديدة كما نابت عن الاسم والخبر في قولك: حسبت أن زيدا عالم، نابت هنا عن الفعل والاسم، فيكون المعنى في قوله (ولو أنا كتبنا عليهم) كالمعنى في: لو كتبنا عليهم.
وإذن: دخلت هنا لتدل على معنى الجزاء، ومعنى (إذن) جواب وجزاء، وهي تقع متقدمة، ومتوسطة، ومتأخرة، وإنما تعمل متقدمة خاصة، إلا أن يكون الفعل بعدها للحال، نحو: إذن أظنك خارجا. واللام في قوله لأتيناهم ولهديناهم اللام التي تقع في جواب لو، كما تقع في جواب القسم في قول امرئ القيس:
حلفت لها بالله حلفة فاجر * لناموا فما إن من حديث ولا صال (1) والفرق بين لام الجواب، ولام الابتداء: إن لام الابتداء لا تدخل إلا على الاسم المبتدأ، إلا في باب إن خاصة، فإنها تدخل على يفعل لمضارعته الاسم، وتقول علمت إن زيدا ليقوم، وعلمت أن زيدا ليقومن، فتكسر إن الأولى، لان علمت صارت متعلقة باللام في ليقوم فإنها لام الابتداء، أخرت إلى الخبر، لئلا يجتمع حرفان متفقان في المعنى، وتفتح أن الثانية، لأنها لام الجواب، فاعرفه فإنه من دقائق النحو، وأسراره. (صراطا): مفعول ثان لهديناهم.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن سرائر القوم فقال (ولو أنا كتبنا): أي أوجبنا (عليهم): أي على هؤلاء الذين تقدم ذكرهم (أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم) كما أوجبنا على قوم موسى، وألزمناهم ذلك، فقتلوا أنفسهم، وخرجوا إلى التيه (ما فعلوه): أي ما فعله هؤلاء، للمشقة التي لا يتحملها إلا المخلصون (إلا قليل منهم): قيل إن القليل الذي استثنى الله هو: ثابت بن قيس بن شماس.
وقيل: هو جماعة من أصحاب رسول الله، قالوا: والله! لو أمرنا لفعلنا فالحمد لله الذي عافانا، ومنهم عبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، فقال النبي: " إن من أمتي لرجالا الايمان في قلوبهم أثبت من الجبال الرواسي ". (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به): أي ما يؤمرون به (لكان) ذلك (خيرا لهم وأشد تثبيتا): أي بصيرة في أمر