الهمزة إنما يجوز في ضرورة الشعر، ولا ضرورة في القرآن، وإذن لم يعمل في (يؤتون) لأنها إذا وقعت بين الفاء والفعل، أو بين الواو والفعل، جاز أن تقدر متوسطة، فتلغى كما يلغى ظننت وأخواتها، إذا توسطت أو تأخرت، لأن النية به التأخير. فالتقدير: فلا يؤتون الناس نقيرا، إذن لا يلبثون خلافك إلا قليلا إذن، ويجوز أن تقدر مستأنفة، فتعمل مع حرف العطف، ولو قرأ (فإذا لا يؤتون الناس)، لجاز لكن القراءة سنة متبعة، وإذا لا تعمل في الفعل النصب إلا بشروط أربعة: أن تكون جوابا لكلام، وأن تكون مبتدأة في اللفظ، وأن لا يكون ما بعدها متعلقا بما قبلها، ويكون الفعل بعدها مستقبلا.
المعنى: لما بين حكم اليهود، بأن المشركين أهدى من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، بين الله سبحانه أن الحكم ليس إليهم، إذ الملك ليس لهم فقال: (أم لهم نصيب من الملك) وهذا استفهام معناه الانكار: أي ليس لهم ذلك. وقيل:
المراد بالملك ههنا النبوة، عن الجبائي: أي ألهم نصيب من النبوة، فيلزم الناس اتباعهم وطاعتهم. وقيل: المراد بالملك ما كانت اليهود تدعيه من أن الملك يعود إليهم في آخر الزمان، وأنه يخرج منهم من يجدد ملتهم، ويدعو إلى دينهم، فكذبهم الله تعالى (فإذا لا يؤتون الناس نقيرا): أي لو أعطوا الدنيا وملكها لما أعطوا الناس من الحقوق قليلا، ولا كثيرا.
وفي تفسير ابن عباس: لو كان لهم نصيب من الملك لما أعطوا محمدا وأصحابه شيئا. وقيل: إنهم كانوا أصحاب بساتين وأموال، وكانوا لا يعطون الفقراء شيئا (أم يحسدون الناس): معناه بل يحسدون الناس، واختلف في معنى (الناس) هنا على أقوال، فقيل: أراد به النبي صلى الله عليه وآله وسلم حسدوه (على ما آتاهم الله من فضله) من النبوة وإباحة تسع نسوة، وميله إليهن. وقالوا: لو كان نبيا لشغلته النبوة عن ذلك، فبين الله سبحانه أن النبوة ليست ببدع في آل إبراهيم عليه السلام، (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة): يعني النبوة، وقد آتينا داود، وسليمان المملكة، وكان لداود تسع وتسعون امرأة، ولسليمان مائة امرأة. وقال بعضهم: كان لسليمان ألف امرأة: سبعمائة سرية، وثلاثمائة امرأة. وكان لداود مائة امرأة، فلا معنى لحسدهم محمدا على هذا، وهو من أولاد إبراهيم عليه السلام، وهم أكثر تزويجا، وأوسع مملكة منه، عن ابن عباس، والضحاك، والسدي. وقيل: لما كان قوام الدين به، صار