في التاريخ الأوسط و الحاكم في المستدرك قال البخاري ما أدري ما هذا فإن رقية ماتت و النبي صلى الله عليه و سلم ببدر لم يشهدها (قلت) و هم حماد في تسميتها فقط و يؤيد الأول ما رواه ابن سعد أيضا في ترجمة أم كلثوم من طريق عمرة بنت عبد الرحمن قالت نزل في حفرتها أبو طلحة و أغرب الخطابي فقال هذه البنت كانت لبعض بنات رسول الله صلى الله عليه و سلم فنسبت إليه انتهى ملخصا و كأنه ظن أن الميتة في حديث أنس هي المحتضرة في حديث أسامة و ليس كذلك كما بينته (قوله لم يقارف) بقاف و فاء زاد ابن المبارك عن فليح أراه يعني الذنب ذكره المصنف في باب من يدخل قبر المرأة تعليقا و وصله الإسماعيلي و كذا شريح بن النعمان عن فليح أخرجه أحمد عنه و قيل معناه لم يجامع تلك الليلة و به جزم ابن حزم و قال معاذ الله أن يتبجح أبو طلحة عند رسول الله صلى الله عليه و سلم بأنه لم يذنب تلك الليلة انتهى و يقويه أن في رواية ثابت عند المذكورة بلفظ لا يدخل القبر أحد قارف أهله البارحة فتنحى عثمان و حكى عن الطحاوي أنه قال لم يقارف تصحيف و الصواب لم يقاول أي لم ينازع غيره الكلام لأنهم كانوا يكرهون الحديث بعد العشاء و تعقب بأنه تغليظ للثقة بغير مستند و كأنه استبعد أن يقع لعثمان ذلك لحرصه على مراعاة الخاطر الشريف و يجاب عنه باحتمال أن يكون مرض المرأة طال و احتاج عثمان إلى الوقاع و لم يظن عثمان أنها تموت تلك الليلة و ليس في الخبر ما يقتضي أنه واقع بعد موتها بل و لا حين احتضارها و العلم عند الله تعالى و في هذا الحديث جواز البكاء كما ترجم له و إدخال الرجال المرأة قبرها لكونهم أقوى على ذلك من النساء و ايثار البعيد العهد عن الملاذ في مواراة الميت و لو كان امرأة على الأب و الزوج و قيل إنما آثره بذلك لأنها كانت صنعته و فيه نظر فإن ظاهر السياق أنه صلى الله عليه و سلم اختاره لذلك لكونه لم يقع منه في تلك الليلة جماع و علل ذلك بعضهم بأنه حينئذ يأمن من أن يذكره الشيطان بما كان منه تلك الليلة و حكى عن ابن حبيب أن السر في إيثار أبي طلحة على عثمان أن عثمان كان قد جامع بعض جواريه في تلك الليلة فتلطف صلى الله عليه و سلم في منعه من النزول في قبر زوجته بغير تصريح و وقع في رواية حماد المذكورة فلم يدخل عثمان القبر و فيه جواز الجلوس على شفير القبر عند الدفن و استدل به على جواز البكاء بعد الموت و حكى ابن قدامة في المغني عن الشافعي أنه يكره لحديث جبر بن عتيك في الموطأ فإن فيه فإذا وجب فلا تبكين باكية يعني إذا مات و هو محمول على الأولوية و المراد لا ترفع صوتها بالبكاء و يمكن أن يفرق بين الرجال و النساء في ذلك لأن النساء قد يفضي بهن البكاء إلى ما يحذر من النوح لقلة صبرهن و استدل به بعضهم على جواز الجلوس عليه مطلقا و فيه نظر و سيأتي البحث فيه في باب مفرد أن شاء الله تعالى و فيه فضيلة لعثمان لايثاره الصدق و أن كان عليه فيه غضاضة * الحديث الثالث (قوله عبد الله) هو ابن المبارك (قوله بنت لعثمان) هي أم أبان كما سيأتي من رواية أيوب (قوله و إني لجالس بينهما أو قال جلست إلى أحدهما) هذا شك من ابن جريج و لمسلم من طريق أيوب عن بن أبي مليكة قال كنت جالسا إلى جنب ابن عمر و نحن ننتظر جنازة أم أبان بنت عثمان و عنده عمرو بن عثمان فجاء ابن عباس يقوده قائده فأراه أخبره بمكان ابن عمر فجاء حتى جلس إلى جنبي فكنت بينهما فإذا صوت من الدار و في رواية عمرو بن دينار عن بن أبي مليكة عند الحميدي فبكى النساء فظهر السبب في قول ابن عمر لعمرو بن عثمان ما قال و الظاهر أن المكان الذي جلس فيه
(١٢٧)