و ولوجه النار لا محيد عن ذلك أن كانت الرواية بالنصب و هذا قد تلقاه جماعة عن الطيبي و أقروه عليه و فيه نظر لأن السببية حاصلة بالنظر إلى الاستثناء لأن الاستثناء بعد النفي اثبات فكأن المعنى أن تخفيف الولوج مسبب عن موت الأولاد و هو ظاهر لأن الولوج عام و تخفيفه يقع بأمور منها موت الأولاد بشرطه و ما ادعاه من أن الفاء بمعنى الواو التي للجمع فيه نظر و وجدت في شرح المشارق للشيخ أكمل الدين المعنى أن الفعل الثاني لم يحصل عقب الأول فكأنه نفى وقوعهما بصفة أن يكون الثاني عقب الأول لأن المقصود نفي الولوج عقب الموت قال الطيبي وأن كانت الرواية بالرفع فمعناه لا يوجد ولوج النار عقب موت الأولاد الا مقدارا يسيرا انتهى و وقع في رواية مالك عن الزهري كما سيأتي في الإيمان و النذور بلفظ لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد تمسه النار الا تحلة القسم و قوله تمسه بالرفع جزما و الله أعلم (قوله الا تحلة القسم) بفتح المثناة و كسر المهملة و تشديد اللام أي ما ينحل به القسم و هو اليمين و هو مصدر حلل اليمين أي كفرها يقال حلل تحليلا و تحلة و تحلا بغير هاء و الثالث شاذ و قال أهل اللغة يقال فعلته تحلة القسم أي قدر ما حللت به يميني و لم أبالغ و قال الخطابي حللت القسم تحلة أي أبررتها و قال القرطبي اختلف في المراد بهذا القسم فقيل هو معين و قيل غير معين فالجمهور على الأول و قيل لم يعن به قسم بعينه و إنما معناه التقليل لأمر ورودها و هذا اللفظ يستعمل في هذا تقول لا ينام هذا الا لتحليل الالية و تقول ما ضربته الا تحليلا إذا لم تبالغ في الضرب أي قدرا يصيبه منه مكروه و قيل الاستثناء بمعنى الواو أي لا تمسه النار قليلا و لا كثيرا و لا تحلة القسم و قد جوز الفراء و الأخفش مجئ الا بمعنى الواو و جعلوا منه قوله تعالى لا يخاف لدى المرسلون إلا من ظلم و الأول قول الجمهور و به جزم أبو عبيد و غيره و قالوا المراد به قوله تعالى و أن منكم الا واردها قال الخطابي معناه لا يدخل النار ليعاقب بها و لكنه يدخلها مجتازا و لا يكون ذلك الجواز الا قدر ما يحلل به الرجل يمينه و يدل على ذلك ما وقع عند عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في آخر هذا الحديث الا تحلة القسم يعني الورود و في سنن سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينة في آخره ثم قرأ سفيان و أن منكم الا ورادها و من طريق زمعة بن صالح عن الزهري في آخره قيل و ما تحلة القسم قال قوله تعالى و أن منكم الا واردها و كذا وقع من رواية كريمة في الأصل قال أبو عبد الله و أن منكم الا واردها و كذا حكاه عبد الملك بن حبيب عن مالك في تفسير هذا الحديث و ورد نحوه من طريق أخرى في هذا الحديث رواه الطبراني من حديث عبد الرحمن بن بشر الأنصاري مرفوعا من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث لم يرد النار الا عابر سبيل يعني الجواز على الصراط و جاء مثله من حديث آخر أخرجه الطبراني من حديث سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه مرفوعا من حرس وراء المسلمين في سبيل الله متطوعا لم ير النار بعينه الا تحلة القسم فإن الله عز وجل قال و أن منكم الا واردها و اختلف في موضع القسم من الآية فقيل هو مقدر أي و الله أن منكم و قيل معطوف على القسم الماضي في قوله تعالى فوربك لنحشرنهم أي و ربك أن منكم و قيل هو مستفاد من قوله تعالى حتما مقضيا أي قسما واجبا كذا رواه الطبراني و غيره من طريق مرة عن ابن مسعود و من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد و من طريق سعيد عن قتادة في تفسير هذه الآية و قال الطيبي يحتمل أن يكون المراد بالقسم ما دل على القطع و البت من السياق فإن قوله
(٩٩)