ثلاث بحذف الهاء و هو جائز لكون المميز محذوفا (قوله لم يبلغوا الحنث) كذا للجميع بكسر المهملة و سكون النون بعدها مثلثة و حكى ابن قرقول عن الداودي أنه ضبطه بفتح المعجمة و الموحدة و فسره بأن المراد لم يبلغوا أن يعملوا المعاصي قال و لم يذكره كذلك غيره و المحفوظ الأول و المعنى لم يبلغوا الحلم فتكتب عليهم الآثام قال الخليل بلغ الغلام الحنث إذا جرى عليه القلم و الحنث الذنب قال الله تعالى و كانوا يصرون على الحنث العظيم و قيل المراد بلغ إلى زمان يؤاخذ بيمينه إذا حنث و قال الراغب عبر بالحنث عن البلوغ لما كان الإنسان يؤاخذ بما يرتكبه فيه بخلاف ما قبله و خص الإثم بالذكر لأنه الذي يحصل بالبلوغ لأن الصبي قد يثاب و خص الصغير بذلك لأن الشفقة عليه أعظم و الحب له أشد و الرحمة له أوفر و على هذا فمن بلغ الحنث لا يحصل لمن فقده ما ذكر من هذا الثواب و أن كان في فقد الولد أجر في الجملة و بهذا صرح كثير من العلماء و فرقوا بين البالغ و غيره بأنه يتصور منه العقوق و المقتضى لعدم الرحمة بخلاف الصغير فإنه لا يتصور منه ذلك إذ ليس بمخاطب و قال الزين بن المنير بل يدخل الكبير في ذلك من طريق الفحوى لأنه إذا ثبت ذلك في الطفل الذي هو كل على أبويه فكيف لا يثبت في الكبير الذي بلغ معه السعي و وصل له منه النفع و توجه إليه الخطاب بالحقوق قال و لعل هذا هو السر في الغاء البخاري التقييد بذلك في الترجمة انتهى و يقوي الأول قوله في بقية الحديث بفضل رحمته إياهم لأن الرحمة للصغار أكثر لعدم حصول الإثم منهم و هل يلتحق بالصغار من بلغ مجنونا مثلا و استمر على ذلك فمات فيه نظر لأن كونهم لا إثم عليهم يقتضى الإلحاق و كون الامتحان بهم يخف بموتهم يقتضى عدمه و لم يقع التقييد في طرق الحديث بشدة الحب و لا عدمه و كان القياس يقتضى ذلك لما يوجد من كراهة بعض الناس لولده و تبرمه منه ولا سيما من كان ضيق الحال لكن لما كان الولد مظنة المحبة و الشفقة نيط به الحكم و أن تختلف في بعض الأفراد (قوله الا أدخله الله الجنة) في حديث عتبة بن عبد الله السلمي عند أبن ماجة بإسناد حسن نحو حديث الباب لكن فيه الا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل و هذا زائد على مطلق دخول الجنة و يشهد له ما رواه النسائي بإسناد صحيح من حديث معاوية بن قرة عن أبيه مرفوعا في أثناء حديث ما يسرك أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة الا وجدته عنده يسعى يفتح لك (قوله بفضل رحمته إياهم) أي بفضل رحمة الله للأولاد و قال ابن التين قيل أن الضمير في رحمته للأب لكونه كان يرحمهم في الدنيا فيجازى بالرحمة في الآخرة و الأول أولى و يؤيده أن في رواية ابن ماجة من هذا الوجه بفضل رحمة الله إياهم و للنسائي من حديث أبي ذر الا غفر الله لهما بفضل رحمته و للطبراني و ابن حبان من حديث الحرث ابن أقيش هو بقاف يكتسبوا مصغر مرفوعا ما من مسلمين يموت لهما أربعة أولاد الا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته و كذا في حديث عمرو بن عبسة كما سنذكره قريبا و قال الكرماني الظاهر أن المراد بقوله إياهم جنس المسلم الذي مات أولاده لا الأولاد أي بفضل رحمة الله لمن مات لهم قال و ساغ الجمع لكونه نكرة في سياق النفي فتعم انتهى و هذا الذي زعم أنه ظاهر ليس بظاهر بل في غير هذه الطريق ما يدل على أن الضمير للأولاد ففي حديث عمرو بن عبسة عند الطبراني الا أدخله الله برحمته هو و إياهم الجنة و في حديث أبي ثعلبة الأشجعي المقدم ذكره أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم قاله بعد قوله من مات له ولدان فوضح بذلك أن الضمير في قوله
(٩٦)