بها فإن عمل أعمالا سيئة كان في المشيئة و أن عمل أعمالا صالحة فقضية سعة رحمة الله أن لا فرق بين الإسلام النطقي و الحكمي المستصحب و الله أعلم انتهى و حكى الترمذي عن عبد الله بن المبارك أنه لقن عند الموت فأكثر عليه فقال إذا قلت مرة فأنا على ذلك ما لم أتكلم بكلام و هذا يدل على أنه كان يرى التفرقة في هذا المقام و الله أعلم (قوله و قيل لوهب بن منبه أليس مفتاح الجنة لا إله الا الله الخ) يجوز نصب مفتاح على أنه خبر مقدم و رفعه على أنه مبتدأ كأن القائل أشار إلى ما ذكر بن إسحاق في السيرة أن النبي صلى الله عليه و سلم لما أرسل العلاء بن الحضرمي قال له إذا سئلت عن مفتاح الجنة فقل مفتاحها لا إله إلا الله و روى عن معاذ بن جبل مرفوعا نحوه أخرجه البيهقي في الشعب و زاد و لكن مفتاح بلا أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك و إلا لم يفتح لك و هذه الزيادة ما أجاب به وهب فيحتمل أن تكون مدرجة في حديث معاذ و أما أثر وهب فوصله المصنف في التاريخ و أبو نعيم في الحلية من طريق محمد بن سعيد بن رمانة بضم الراء و تشديد الميم و بعد الألف نون قال أخبرني أبي قال قيل لوهب بن منبه فذكره و المراد بقوله لا إله إلا الله في هذا الحديث و غيره كلمتا الشهادة فلا يرد اشكال ترك ذكر الرسالة قال الزين بن المنير قول لا إله ألا الله لقب جرى على النطق بالشهادتين شرعا و أما قول وهب فمراده بالأسنان التزام الطاعة فلا يرد اشكال موافقة الخوارج و غيرهم أن أهل الكبائر لا يدخلون الجنة و أما قوله لم يفتح له فكأن مراده لم يفتح له فتحا تاما أو لم يفتح له في أولي الأمر و هذا بالنسبة إلى الغالب و إلا فالحق أنهم في مشيئة الله تعالى و قد أخرج سعيد بن منصور بسند حسن عن وهب بن منبه قريبا من كلام هذا في التهليل و لفظه عن سماك بن الفضل عن وهب بن منبه مثل الداعي بلا عمل مثل الرامي بلا وتر قال الداودي قول وهب أمرهم على التشديد و لعله لم يبلغه حديث أبي ذر أي حديث الباب و الحق أن من قال لا اله إلا الله مخلصا أتى بمفتاح و له أسنان لكن من خلط ذلك بالكبائر حتى مات مصرا عليها لم تكن أسنانه قوية فربما طال علاجه و قال ابن رشيد يحتمل أن يكون مراد البخاري الإشارة إلى أن من قال لا إله إلا الله مخلصا عند الموت كان ذلك مسقطا لما تقدم له و الإخلاص يستلزم التوبة و الندم و يكون النطق علما على ذلك و ادخل حديث أبي ذر ليبين أنه لا بد من الاعتقاد و لهذا قال عقب حديث أبي ذر في كتاب اللباس قال أبو عبد الله هذا عند الموت أو قبله إذا تاب و ندم و معنى قول وهب إن جئت بمفتاح له أسنان جياد فهو من باب حذف النعت إذا دل عليه السياق لأن مسمى المفتاح لا يعقل الا بالأسنان و إلا فهو عود أو حديدة (قوله أتاني آت) سماه في التوحيد من طريق شعبة عن واصل جبريل و جزم بقوله فبشرني و زاد الإسماعيلي من طريق مهدي في أوله قصة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في مسير له فلما كان في بعض الليل تنحى فلبث طويلا ثم أتانا فقال فذكر الحديث و أورده المصنف في اللباس من طريق أبي الأسود عن أبي ذر قال أتيت النبي صلى الله عليه و سلم و عليه ثوب أبيض و هو نائم ثم أتيته و قد استيقظ فدل على أنها رؤيا منام (قوله من أمتي) أي من أمة الإجابة و يحتمل أن يكون أعم من ذلك أي أمة الدعوة و هو متجه (قوله لا يشرك بالله شيئا) أورده المصنف في اللباس بلفظ ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك الحديث و إنما لم يورده المصنف هنا جريا على عادته في إيثار الخفي على الجلي و ذلك أن نفي الشرك يستلزم اثبات
(٨٨)