أي موضوعة بالعرض و لمسلم من طريق ابن عيينة عن أيوب ثم أتى جذعا في قبلة المسجد فاستند إليها مغضبا و لا تنافى بين هذه الروايات لأنها تحمل على أن الجذع قبل اتخاذ المنبر كان ممتدا بالعرض و كأنه الجذع الذي كان صلى الله عليه و سلم يستند إليه قبل اتخاذ المنبر و بذلك جزم بعض الشراح (قوله فهابا أن يكلماه) في رواية ابن عون فهاباه بزيادة الضمير و المعنى إنهما غلب عليهما احترامه و تعظيمه عن الاعتراض عليه و أما ذو اليدين فغلب عليه حرصه على تعلم العلم (قوله و خرج سرعان بفتح) المهملات و منهم من سكن الراء و حكى عياض أن الأصيلي ضبطه بضم ثم اسكان كأنه جمع سريع ككثيب و كثبان و المراد بهم أوائل الناس خروجا من المسجد و هم أصحاب الحاجات غالبا (قوله فقالوا أقصرت الصلاة) كذا هنا بهمزة الاستفهام و تقدم في رواية ابن عون بحذفها فتحمل تلك على هذه و فيه دليل على ورعهم إذ لم يجزموا بوقوع شئ بغير علم و هابوا النبي صلى الله عليه و سلم أن يسألوه و إنما استفهموه لأن الزمان زمان النسخ و قصرت بضم القاف و كسر المهملة على البناء للمفعول أي أن الله قصرها و بفتح ثم ضم على البناء للفاعل أي صارت قصيره قال النووي هذا أكثر و أرجح (قوله و رجل يدعوه النبي صلى الله عليه و سلم) أي يسميه (ذو اليدين و التقدير و هناك رجل و في رواية ابن عون و في القوم رجل في يده طول يقال له ذو اليدين و هو محمول على الحقيقة و يحتمل ان يكون كناية عن طولها بالعمل أو بالبذل قاله القرطبي و جزم ابن قتيبة بأنه كان يعمل بيديه جميعا و حكى عن بعض شراح التنبيه أنه قال كان قصير اليدين فكأنه ظن أنه حميد الطويل فهو الذي فيه الخلاف و قد تقدم أن الصواب التفرقة بين ذي اليدين و ذي الشمالين و ذهب الأكثر إلى أن اسم ذي اليدين الخرباق بكسر المعجمة و سكون الراء بعدها موحدة و آخره قاف اعتمادا على ما وقع في حديث عمران بن حصين عند مسلم و لفظه فقام إليه رجل يقال له الخرباق و كان في يديه طول و هذا صنيع من يوحد حديث أبي هريرة بحديث عمران و هو الراجح في نظري و أن كان ابن خزيمة و من تبعه جنحوا إلى التعدد و الحامل لهم على ذلك الاختلاف الواقع في السياقين ففي حديث أبي هريرة أن السلام وقع من اثنتين و أنه صلى الله عليه و سلم قام إلى خشبة في المسجد و في حديث عمران أنه سلم من ثلاث ركعات و أنه دخل منزله لما فرغ من الصلاة فأما الأول فقد حكى العلائي أن بعض شيوخه حمله على أن المراد به أنه سلم في ابتداء الركعة الثالثة و استبعده و لكن طريق الجمع يكتفى فيها بأدنى مناسبة و ليس بأبعد من دعوى تعدد القصة فإنه يلزم منه كون ذي اليدين في كل مرة استفهم النبي صلى الله عليه و سلم عن ذلك و استفهم النبي صلى الله عليه و سلم الصحابة عن صحة قوله و أما الثاني فلعل الراوي لما رآه تقدم من مكانه إلى جهة الخشبة ظن أنه دخل منزله لكون الخشبة كانت في جهة منزله فإن كان كذلك و إلا فرواية أبي هريرة أرجح لموافقة ابن عمر له على سياقه كما أخرجه الشافعي و أبو داود و ابن ماجة و ابن خزيمة و لموافقة ذي اليدين نفسه له على سياقه كما أخرجه أبو بكر الأثرم و عبد الله بن أحمد في زيادات المسند و أبو بكر بن أبي حثمة و غيرهم و قد تقدم في باب تشبيك الأصابع ما يدل على أن محمد بن سيرين راوي الحديث عن أبي هريرة كان يرى التوحيد بينهما و ذلك أنه قال في آخر حديث أبي هريرة نبئت أن عمران بن حصين قال ثم
(٨٠)