يظهر لي أن القيراط يحصل أيضا لمن صلى فقط لأن كل ما قبل الصلاة وسيلة إليها لكن يكون قيراط من صلى فقط دون قيراط من شيع مثلا و صلى و رواية مسلم من طريق أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ أصغرهما مثل أحد يدل على أن القراريط تتفاوت و وقع أيضا في رواية أبي صالح المذكورة عند مسلم من صلى على جنازة و لم يتبعها فله قيراط و في رواية نافع بن جبير عن أبي هريرة عند أحمد و من صلى و لم يتبع فله قيراط فدل على أن الصلاة تحصل القيراط و أن لم يقع أتباع و يمكن أن يحمل الأتباع هنا على ما بعد الصلاة و هل يأتي نظير هذا في قيراط الدفن فيه بحث قال النووي في شرح البخاري عند الكلام على طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة في كتاب الإيمان بلفظ من أتبع جنازة مسلم إيمانا و احتسابا و كان معها حتى يصلي عليها و يفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين الحديث و مقتضى هذا أن القيراطين إنما يحصلان لمن كان معها في جميع الطريق حتى تدفن فإن صلى مثلا و ذهب إلى القبر وحده فحضر الدفن لم يحصل له الا قيراط واحد انتهى و ليس في الحديث ما يقتضي ذلك الا من طريق المفهوم فإن ورد منطوق بحصول القيراط لشهود الدفن وحده كان مقدما و يجمع حينئذ بتفاوت القيراط و الذين أبوا ذلك جعلوه من باب المطلق و المقيد نعم مقتضى جميع الأحاديث أن من اقتصر على التشييع فلم يصل و لم يشهد الدفن فلا قيراط له الا على الطريقة التي قدمناها عن ابن عقيل لكن الحديث الذي أوردناه عن البراء في ذلك ضعيف و أما التقييد بالإيمان و الاحتساب فلا بد منه لأن ترتب الثواب على العمل يستدعى سبق النية فيه فيخرج من فعل ذلك على سبيل المكافأة المجردة أو على سبيل المحاباة و الله أعلم (قوله و من شهد) كذا في جميع الطرق بحذف المفعول و في رواية البيهقي التي أشرت إليها و من شهدها (قوله فله قيراطان) ظاهره إنهما غير قيراط الصلاة و هو ظاهر سياق أكثر الروايات و بذلك جزم بعض المتقدمين و حكاه ابن التين عن القاضي أبي الوليد لكن سياق رواية ابن سيرين تأبى ذلك و هي صريحة في أن الحاصل من الصلاة و من الدفن قيراطان فقط و كذلك رواية خباب صاحب المقصورة عند مسلم بلفظ من خرج مع جنازة من بيتها ثم تبعها حتى تدفن كان له قيراطان من أجر كل قيراط مثل أحد و من صلى عليها ثم رجع كان له قيراط و كذلك رواية الشعبي عن أبي هريرة عند النسائي بمعناه و نحوه رواية نافع بن جبير قال النووي رواية ابن سيرين صريحة في أن المجموع قيراطان و معنى رواية الأعرج على هذا كان له قيراطان أي بالأول و هذا مثل حديث من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل و من صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله أي بانضمام صلاة العشاء (قوله حتى تدفن) ظاهره أن حصول القيراط متوقف على فراغ الدفن و هو أصح الأوجه عند الشافعية و غيرهم و قيل يحصل بمجرد الوضع في اللحد و قيل عند انتهاء الدفن قبل إهالة التراب و قد وردت الأخبار بكل ذلك و يترجح الأول للزيادة فعند مسلم من طريق معمر في إحدى الروايتين عنه حتى يفرغ منها و في الأخرى حتى توضع في اللحد و كذا عنده في رواية أبي حازم بلفظ حتى توضع في القبر و في رواية ابن سيرين و الشعبي حتى يفرغ منها و في رواية أبي مزاحم عند أحمد حتى يقضي قضاؤها و في رواية أبي سلمة عند الترمذي حتى يقضي دفنها و في رواية ابن عياض عند أبي عوانة حتى يسوى عليها أي التراب و هي أصرح الروايات في ذلك و يحتمل حصول القيراط بكل من ذلك لكن يتفاوت
(١٥٩)