وثانيا إن هضم النفس في أمر الدين غير موجه كيف ولا يبقى حينئذ وثوق بكلامه لعدم العلم بقصده بل نقول لا يعقل ممن أعطاه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله الإمامة والخلافة في أمور المسلمين بحسب الدين والدنيا أن يقول لهم دعوا قبولي للإمامة لأني لست بخيركم وغيري خير مني موجود فيكم لأن ذلك يصير كذبا على الله ورسوله وثالثا إن القول المذكور إنما وقع منه عند إنكار علي عليه السلام لإمامته وتعريض الناس عليه بعدم لياقته بذلك مع وجود علي عليه السلام كما مر فلو كان غرضه هضم النفس لما خص الخيرية بعلي عليه السلام بل قال أقيلوني فإن كل واحد منكم خير مني كما قال عمر " كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت " مع أن هذا أيضا في الحقيقة اعتراف بالواقع فافهم.
70 - قال: الشبهة الخامسة عشرة زعموا أيضا أن عليا إنما سكت عن النزاع في أمر الخلافة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصاه أن لا يوقع بعده فتنة ولا يسل سيفا وجوابها أن هذا افتراء وكذب وحمق و جهالة مع عظيم الغباوة عما يترتب عليه إذ كيف يعقل مع هذا الذي زعموه أنه جعله إماما واليا على الأمة بعده ومنعه من سل السيف على من امتنع من قبول الحق ولو كان ما زعموه صحيحا لما سل على السيف في حرب صفين وغيرها ولما قاتل بنفسه وأهل بيته وشيعته وجالد وبارز الألوف منهم وحده أعاذ الله من مخالفة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيضا فكيف يتعقلون أنه صلى الله عليه وسلم يوصيه بعدم سل السيف على من يزعمون فيهم أنهم يجاهرون بأقبح أنواع الكفر مع ما أوجبه الله من جهاد مثلهم. قال بعض أئمة أهل البيت النبوي والعترة الطاهرة وقد تأملت كلماتهم فرأيت قوما أعمى الهوى بصائرهم فلم يبالوا بما ترتب على مقالاتهم من المفاسد ألا ترى إلى قولهم " إن عمر قاد عليا بحمائل سيفه، وحصر فاطمة