بشهادة بذلهم الأنفس والأموال، ومهاجرتهم الأهل والوطن وقتلهم الأولاد والآباء في نصرة الدين، ثم لا يحتج على عليهم بذلك النص الجلي بل ولا قال أحد منهم عند طول النزاع في أمر الإمامة ما لكم تتنازعون فيها والنص الجلي قد عين فلانا لها؟ فإن زعم زاعم أن عليا قال لهم ذلك فلم يطيعوه كان جاهلا ضالا مفتريا منكرا للضروريات فلا يلتفت إليه وأما الخبر الآتي في فضائل علي رضي الله عنه أنه قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أنشد الله من شهد يوم غدير خم إلا قام ولا يقوم رجل يقول نبئت أو بلغني إلا رجل سمعت أذناه ووعاه قلبه فقام سبعة عشر صحابيا وفي رواية ثلاثون فقال: هاتوا ما سمعتم فذكروا الحديث الآتي ومن جملته " من كنت مولاه فعلي مولاه " فقال صدقتم وأنا على ذلك من الشاهدين فإنما قال ذلك علي بعد أن آلت إليه الخلافة لقول أبي الطفيل راويه كما ثبت عند أحمد والبزار جمع على الناس بالرحبة يعني بالعراق ثم قال لهم: انشد الله من شهد يوم غدير خم إلى آخر ما مر فأراد به حثهم على التمسك به والنصرة له حينئذ انتهى.
أقول: لا يخفى أن الشيعة صرحوا بأن النبي صلى الله عليه وآله نص على خلافة علي بن أبي طالب عليه السلام نصا جليا مفصلا خاليا عن الابهام والاجمال وإنما ذكروا هذا التقرير الإجمالي بطريق الفرض تدرجا بذلك إلى إثبات النص التفصيلي آخرا على الخصم فإن النص الإجمالي مما لا يبادر الخصم إلى إنكاره من أول الأمر لادعاء بعضهم النص الخفي على خلافة أبي بكر فقد تسامحوا في أول الأمر إلى أن يتبين جلية الحال ويثبت وجود النص التفصيلي في المال كما قال شاعرنا:
صد پايه پست كرده أم آهنگ قول خويش * تا بو كه أين سخن بمذاق تو در شود وأمثال ذلك في كلام الحكماء كثيرة كما ذكره العلامة الدواني في حواشيه القديمة على التجريد. وأما ما ذكره من سبق جوابه عن ذلك مبسوطا فقد عرفت رده منا