قال أبو محمد: أما قول مالك فما نعلم له حجة أصلا لا من قرآن. ولا سنة. ولا رواية سقيمة. ولا قول أحد قبله. ولا من قياس، وما كان هكذا فلا وجه له ولم نجد لهم شبهة الا أنهم قالوا: إنما فعلنا ذلك احتياطا للناس فقلنا لهم: فضمنوا الودائع احتياط الناس، فقد صح عن عمر بن الخطاب انه ضمنها أنس بن مالك، وأيضا فمن جعل المستصنعين أولى بالاحتياط لهم من الصناع والكل مسلمون، ولو عكس عاكس عليهم قولهم لما كان بينه وبينهم فضل كمن قال: بل أضمن ما ظهر الا أن تأتى بينة على أن الشئ تلف من غير فعله وتعديه ولا أضمن ما بطن الا ان تقوم بينة عدل بأنه هلك من تعديه بل لعل هذا القول أحوط في النظر، وكذلك قول أبى يوسف. ومحمد [بن الحسن] (1)، وهذا كما ترى خالفوا فيه عمر (2). وعلي بن أبي طالب ولا يعرف لهما من الحصابة مخالف رضي الله عنهم وهم يعظمون مثل هذا إذا وافق آراءهم (3) والقوم أصحاب قياس بزعمهم وقد قال بعضهم من أصحاب القياس: وجدنا ما يدفعه الناس بعضهم إلى بعض من أموالهم ينقسم اقساما ثلاثا لا رابع لها، فقسم ينتفع به الدافع وحده لا المدفوع إليه فقد اتفقنا انه لا ضمان في بعضه كالوديعة فوجب رد كل ما كان من غيرها إليها، وقسم ينتفع به الدافع والمدفوع إليه فقد اتفقنا على أنه لا ضمان في بعضه كالقراض فوجب رد ما كان من غيره إليه ودخل في ذلك الرهن وما دفع إلى الصناع، وقسم ثالث ينتفع به المدفوع إليه وحده فقد اتفقنا في بعضه على أنه مضمون كالقرض فوجب أن تكون العارية مثله * قال أبو محمد: لو صح قياس في العالم لكان هذا ولكنهم لا الآثار اتبعوا ولا القياس عرفوا، وبالله تعالى التوفيق * 1326 - مسألة - ولا تجوز الإجارة الا بمضمون مسمى محدود في الذمة، أو بعين معينة متميزة معروفة الحد والمقدار وهو قول عثمان رضي الله عنه وغيره * قال أبو محمد: وقال مالك: يجوز كراء الأجير بطعامه، واحتجوا بخبر عن أبي هريرة كنت أجيرا لابنة غزوان بطعام بطني وعقبة رجلي * قال أبو محمد: قد يكون هذا تكارما من غير عقد لازم وأما العقود المقتضى بها فلا تكون الا بمعلوم، والطعام يختلف فمنه اللين. ومنه الخشن. ومنه المتوسط، ويختلف الادم، وتختلف الناس في الاكل اختلافا متفاوتا فهو مجهول لا يجوز وبالله تعالى التوفيق * تمت الإجارة بحمد الله *
(٢٠٣)