قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم،: (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير)، وهكذا رويناه أيضا من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (1) * ومن طريق أحمد ابن شعيب أنا إسحاق بن منصور أنا عبد الرحمن بن مهدي نا شعبة عن عمرو بن مرة سمعت عبد الله بن عمرو مولى الحسن بن علي يحدث عن عدى بن حاتم (قال [قال] (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر [عن يمينه]) (3) فهذه الأحاديث جامعة لجميع أحكام ما اختلفوا فيه من جواز تقديم الكفارة قبل الحنث لان في حديث أبي هريرة تقديم الحنث قبل الكفارة، وفى حديث عبد الرحمن ابن سمرة تقديم الكفارة قبل الحنث، وفى حديث عدى بن حاتم الجمع بين الحنث والكفارة بواو العطف التي لا تعطى رتبة، وهكذا جاء من طريق أبى موسى الأشعري فوجب استعمال جميعها ولم يكن بعضها أولى بالطاعة من بعض ولا تحل مخالفة بعضها لبعض فكان ذلك جائزا وبالله تعالى التوفيق، وصح بهذا أن الحذف الذي في الآية إنما هو إذا أردتم الحنث أو حنثتم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو المبين عن ربه عز وجل، واعترض بعضهم بان قال: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فليكفر ثم ليأت الذي هو خير) هو مثل قول الله تعالى: (ثم كان من الذين آمنوا) وكقوله تعالى: (ثم آتينا موسى الكتاب) وكقوله تعالى: (ولقد خلقنا كم ثم صورنا كم ثم قلنا للملائكة اسجدوا الآدم) قال هذا القائل: ولفظة ثم في هذه الآيات لا توجب تعقيبا بل هي واقعة على ما كان قبل ما عطف اللفظ عليه بثم * قال أبو محمد: ليس كما ظنوا أما قوله تعالى: (ثم كان من الذين آمنوا) فان نص الآيات هو قوله تعالى: (وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو اطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا مترتبة ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة) وقد ذكرنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: (أسلمت على ما أسلفت من الخير) فصح بهذه الآية عظيم نعمة الله تعالى على عباده في قوله كل عمل بر عملوه في كفر هم ثم أسلموا فالآية على ظاهرها وهي زائدة على سائل ما في القرآن من قبوله تعالى أعمال من آمن ثم عمل الخير والحمد لله رب العالمين * وأما قوله تعالى: (ثم آتينا موسى الكتاب) فليس كما ظنوا الان
(٦٧)