لم يداوم عليه لم ترد شهادته وان فعله من يعتقد حله فقياس المذهب انه لا ترد شهادته بما لا يشتهر به منه كسائر المختلف فيه من الفروع ومن كان يغشى بيوت الغناء أو يغشاه المغنون للسماع متظاهرا بذلك وكثر منه ردت شهادته في قولهم جميعا لأنه سفه ودناءة وإن كان معتبرا به فهو كالمغني لنفسه على ما ذكر من التفصيل فيه.
(فصل) واما الحداء وهو الانشاد الذي تساق به الإبل فمباح لا بأس به في فعله واستماعه لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وكان عبد الله بن رواحة جيد الحداء وكان مع الرجال وكان انجشة مع النساء فقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن رواحة (حرم بالقوم) فاندفع يرتجز فتبعه أنجشة فاعنقت الإبل فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لأنجشة رويدك رفقا بالقوارير) يعني النساء وكذلك نشيد الاعراب وهو النصب لا بأس به وسائر أنواع الانشاد ما لك يخرج إلى حد الغناء وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمع إنشاد الشعر فلا ينكره. والغناء من الصوت ممدود مكسور والغنى من المال مقصور والحداء مضموم ممدود كالدعاء والرعاء ويجوز الكسر كالنداء والهجاء والغذاء (فصل) والشعر كالكلام حسنه كحسنه وقبيحه كقبيحه وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ان من الشعر لحكما) وكان يضع لحسان منبرا يقوم عليه فيهجو من هجي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين وأنشده كعب بن زهير قصيدة * بانت سعاد فقلبي اليوم متبول * في المسجد وقال له عمه العباس يا رسول الله إني أريد ان أمتدحك فقال قل لا يفضض الله فاك فأنشده من قبلها طبت في الظلال * * وفي مستودع حيث يخصف الورق وقال عمر وبن الشريد أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (أمعك من شعر أمية؟ قلت نعم فأنشدته بيتا فقال (هيه) فأنشدته بيتا فقال (هيه) حتى أنشدته مائة قافية وقال النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين