وبيان ذلك أن النهر إذا كان بين عشرة، ولكل واحد منهم، عليه، أراض على السواء، فإن الكري، من فوهة النهر إلى أن يجاوز شرب أولهم بينهم على عشرة أسهم: على كل واحد منهم العشر، فإذا تجاوز شرب الأول خرج هو من الكري، ويكون الكري على الباقين، على تسعة أسهم، فإذا تجاوز شرب الثاني سقطت عنه النفقة، ويكون الكري على الباقين على ثمانية أسهم: على هذا الترتيب. وقالا: إن المؤونة بينهم على عشرة أسهم، من أول النهر إلى آخره.
فهما يقولان: إن لصاحب الاعلى منفعة في حفر الأسفل، فإنه مسيل مائة، كما أن لصاحب الأسفل منفعة في الأعلى، ثم حفر الاعلى مشترك فكذلك الأسفل.
وأبو حنيفة يقول: إن فوهة النهر مشتركة، لا يتوصل أحدهم إلى الانتفاع بشربه إلا بحفرها. وكذا حفر ما بعدها، فإذا تجاوز شرب أحدهم، فلا حق له فيحفر ما بعد أرضه، لان ذلك ملك الباقي لا ملكه، إنما له حق تسييل الماء فيه، فتكون المؤونة على المالك، لا على صاحب الحق، كما في مسيل الماء على سطع مملوك لغيره.
وإذا كان نهر لرجل بين أراض، فاختلفوا في المسناة قال صاحب الأرض: هي ملكي، وقال صاحب النهر: هي ملكي، ولا يعرف أن المسناة في يد من هي، وفي تصرف من هي قال أبو حنيفة: هي ملك صاحب الأرض، حتى إن له أن يغرس فيها ويزرع، ويمنع صاحب النهر عن إلقاء الطين فيها، وعن المرور فيها إلا أنه ليس له أن يحفر المسناة، فيسيل ماء النهر في غير موضعه، فيكون حق صاحب النهر في إمساك الماء لا غير. وعلى قولهما: إنما هي ملك صاحب النهر.
ومن مشايخنا من قال: إن هذا الخلاف مبني على أن النهر هل له حريم أم لا؟ فإن كرى رجل نهرا في أرض موات بإذن السلطان فعند