وأصله حديث الزهري أنه قال: وقعت الفتنة، فاجتمع أصحاب رسول الله آ، وهم متوافرون، على أن كل دم أريق بتأويل القرآن فهو هدر، وكل ما أتلف بتأويل القرآن فلا ضمان فيه، وكل فرج استبيح بتأويل القرآن فلا حد فيه، وما كان قائما يرد.
وهذا إذا أتلفوا في حال التجبر والمنعة.
فأما إذا أتلفوا مالهم ونفوسهم قبل ظهور المنعة، أو بعد الانهزام فإنهم يضمنون، لأنهم من أهل دار الاسلام.
وهذا جواب الحكم، وإنما نعني به أن يضمن كل واحد من الفريقين للآخر ما أتلف من الأنفس والأموال، لكونها معصومة في هذه الحالة إلا بطريق الدفع.
ثم كل من لا يباح قتله من أهل الحرب، لا يباح قتله من أهل البغي، إلا إذا وجد القتال من العبيد والنسوان والشيوخ فيحنئذ يقتلون في حالة القتال. وبعد الانهزام لا يباح.
ويكره أن يبعث برؤوس البغاة أو الحربي إلى الآفاق إلا إذا كان في ذلك وهن لهم فلا بأس به.
ثم قتلى أهل العدل شهداء: يفعل بهم مثل ما يفعل بالشهداء يكفنون في ثيابهم ولا يغسلون، ويصلى عليهم.
فأما قتلى أهل البغي: فلا يصلى عليهم، سواء كان لهم منعة أو لم يكن وهو الصحيح. ولكن يغسلون، ويكفنون، ويدفنون، لان هذا من شيمة الموتى.
وأما قضاء قاضي أهل البغي بشهادة أهل البغي فلا يصح، لاحتمال أنه قضى بما هو باطل عندنا، لأنهم يستحلون أموالنا ودماءنا، ولا يقبل قاضي أهل العدل كتاب قاضيهم، لما ذكرنا من الاحتمال.