وفي الفصل الأول: يباح حتى لو أقدم لا إثم عليه. ولو لم يقدم حتى هلك يأثم، لأنه صار مهلكا نفسه عن اختيار.
وأما الفصل الذي يرخص فيه ولا يسقط الحرمة كما إذا أكره بالقتل على أن يجري كلمة الكفر على لسانه، أو على أن يشتم محمدا أو على أن يصلي إلى الصليب فإنه لا يباح له ذلك، ولكن يرخص له الفعل، وإن امتنع حتى قتل كان مثابا ثواب الجهاد، لان الحرمة لم تسقط بخلاف الفصل الأول.
وعلى هذا لو أكره على إتلاف مال إنسان، بما فيه خوف التلف، وغالب ظنه أن يفعل فإنه يرخص، ولا يباح لان حرمة مال الغير لا تسقط لحقه ولكن يرخص بالضمان كما في حال المخمصة.
وأما الفصل الثالث: فلا يباح ولا يرخص، وإن كان يخالف القتل على نفسه، كما إذا أكره بالقتل على أن يقتل فلانا المسلم، أو يقطع عضوه أو يضربه ضربا يخاف فيه التلف، وكذا في ضرب الوالدين على وجه يخاف منه التلف لان القتل حرام محض، وضرب الوالدين كذلك، فلا يسقط، لأجل حقه. ولو فعل فإنه يأثم في الآخرة.
وأما أحكام الدنيا من القود والضمان فنقول:
في الاكراه على إتلاف مال الغير يجب الضمان، على المكره بلا خلاف.
وأما في القتل خطأ، وعمدا فيكون الحكم على المكره عند أبي حنيفة ومحمد، ويصير المكره آلة، ويصير قاتلا، فيكون الحكم عليه.
وعند أبي يوسف: تجب الدية على المكره، ولا يجب القود أصلا. وعند الشافعي: يجب على المكره والمكره جميعا القود. وعند زفر: على المكره والمسألة معروفة.