القاضي، فالقاضي يقضي وفقا لهذه البينة، ولو احتمل كونها قائمة على أساس التعبد، فهذا أمر غريب عقلائيا، فإنه من المعقول - عقلائيا - أن يكون دليل ما عند عدم معرفة هويته أقوى قيمة من باب خطأ المستدل وافتراضه للدليل على هوية أخرى، ولكن ليس من المعقول - عقلائيا - أن يكون دليل ما أقوى قيمة واقعا لدى عدم معرفة هويته منه لدى معرفة هويته.
كل هذا البيان إنما صغناه لإثبات أن مقتضى القواعد عدم الحجية للبينة القائمة على أساس التعبد في باب القضاء بعد تسليم نفوذ البينة القائمة على أساس العلم غير الحسي وغير ما يقرب من الحس، وتسليم قيام الأمارة والأصل مقام العلم الموضوعي، أما إذا أنكرنا الثاني - كما هو الصحيح عندنا في بحث الأصول - أو أنكرنا الأول كما سيتضح - إن شاء الله - في البحث عن القسم الثالث، فكون مقتضى القاعدة عدم حجية القسم الرابع يكون في غاية الوضوح.
يبقى في المقام أن هناك بعض الروايات مما يمكن جعلها دليلا على نفوذ الشهادة القائمة على أساس الأمارة أو الأصل، وهي عدة روايات من قبيل ما يأتي مما قد يجعل بعضها شاهدا على نفوذ البينة القائمة على أساس اليد، وبعضها شاهدا على نفوذ البينة القائمة على أساس الاستصحاب:
الرواية الأولى - ما ورد عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" قال له رجل: إذا رأيت شيئا في يدي رجل يجوز لي أن أشهد أنه له؟ قال: نعم.
قال الرجل: أشهد أنه في يده، ولا أشهد أنه له، فلعله لغيره. فقال أبو عبد الله (عليه السلام):
أفيحل الشراء منه؟ قال: نعم. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فلعله لغيره فمن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكا لك ثم تقول بعد الملك هو لي وتحلف عليه، ولا يجوز أن تنسبه إلى من صار ملكه من قبله إليك؟! ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): لو لم يجز هذا