اشتراط العلم الاجتهادي:
ولكن الكلام يقع في اشتراط كون العلم علما اجتهاديا لا تقليديا.
والمفهوم عرفا من مقبولة عمر بن حنظلة: (روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا) هو الاجتهاد والفقاهة، وهذا هو ما فهمه السائل من كلام الإمام، كما يشهد لذلك ما جاء في ذيل الحديث من قوله: " أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه... " (1)، وهو المفهوم أيضا من التوقيع الشريف (فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا)، فإن مقتضى مناسبات الحكم والموضوع كون المقصود برواة الحديث حملة الحديث فهما وعلما بصحيحها وسقيمها، وعامها وخاصها، ومطلقها ومقيدها إلى غير ذلك من الجوانب، لا حملة ألفاظ الحديث كمن يحمل أسفارا.
وهناك فرق بين المقبولة والتوقيع، وهو أنه لو ورد ما يدل على نصبهم (عليهم السلام) لفئة أوسع من فئة الفقهاء فالتوقيع لا يعارضه، إذ التوقيع دل على ما هو أوسع من القضاء وهو الولاية العامة ومن ضمنها القضاء، فلعل الاجتهاد شرط في هذا النصب الواسع لا في خصوص القضاء. وهذا بخلاف المقبولة الواردة في خصوص القضاء، فهي تدل بمقتضى ورودها في مقام التحديد على عدم نصب غير الفقيه للقضاء.
إلا أن صاحب الجواهر (رحمه الله) حاول افتراض المقبولة كالتوقيع من هذه الناحية بدعوى أن قوله (عليه السلام): " فإني قد جعلته عليكم حاكما " يدل على الحكومة، وهي الولاية العامة لا خصوص القضاء (2).