إثبات البينة بالعلم الحدسي:
المسألة الثانية - في أنه هل تثبت البينة في القضاء بالعلم الحدسي غير القريب من الحس أو لا؟
وهنا يجب أن يبحث أولا: عن أنه هل هناك إطلاق يدل على نفوذ البينة الثابتة بالعلم الحدسي أو لا؟
وثانيا: عن أنه بعد فرض إطلاق من هذا القبيل هل هناك مقيد لهذا الإطلاق يدل على كون حجيتها مشروطة بعدم كون العلم بها حدسيا، فيكون سقوط العلم الحدسي المتعلق بالبينة عن الاعتبار عبارة عن سقوط العلم الموضوعي، أو لا يوجد مقيد لهذا الإطلاق، فعندئذ يكون العلم الحدسي طريقا بحتا لإثبات البينة التي هي حجة، وحجية هذا الطريق ذاتية لا يمكن فرض عدمها لمجرد كون العلم حدسيا؟
أما وجود إطلاق يدل على حجية البينة المعلومة عن حدس، فلعله منحصر في أمرين:
1 - ما عن يونس عمن رواه قال: " استخراج الحقوق بأربعة وجوه: بشهادة رجلين عدلين، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان، فإن لم تكن امرأتان فرجل ويمين المدعي، فإن لم يكن شاهد فاليمين على المدعى عليه... " (1).
فيقال: إن مقتضى إطلاق هذا الدليل هو أنه لا يتنزل من البينة إلى اليمين إلا بعد فقدها على الإطلاق بأن لا نجدها حتى بالعلم الحدسي. إلا أن الحديث ساقط بعدم الانتهاء إلى المعصوم، وعدم معرفة من روى عنه يونس.