قلناه - من أن الحلف يجب أن يكون حلفا على نفي الواقع - وهو ما إذا كان المدعي مدعيا لغيره كاليتيم لا لنفسه، فعندئذ يمكن أن يقال: إن النزاع على الواقع لا معنى له، لأن المدعي أجنبي عن الواقع، إذ ليس الحق حقه حسب الفرض، ورفعه للشكوى إلى الحاكم على المنكر ليس إلا من قبيل رفع الشكوى على أي عاص إلى الحاكم بدافع الحيلولة بينه وبين المعصية على ما هو وظيفة كل مسلم، والمعصية متقومة بالعلم. إذن فالنزاع يكون على العلم وعدمه، فإذا حلف المنكر على نفي العلم ثبت عدم كونه عاصيا، وانتهت الشكوى.
والجواب: أن هذا المدعي إن كان وليا للمدعى له أو وصيا له كانت عليه متابعة أمر المولى عليه أو الموصي مثلا، إذن ليس أجنبيا عن الواقع، وله متابعة الواقع، فتكون الشكوى على الواقع، لا على علم المنكر به، وإلا فمجرد رفع تقرير عن معصية شخص إلى الحاكم ليس مرافعة بالمعنى المألوف الذي يكون الحكم فيه بالبينة واليمين، ولا مبرر لتحليف المنكر أصلا، وإنما يثبت الجرم عليه بإقراره أو بالبينة أو بعلم الحاكم مثلا، أما نكوله عن الحلف أو حلف المدعي بعد نكوله أو رده لليمين فلا قيمة له كما هو واضح.
الشاهد الواحد مع اليمين البحث الرابع - متى يكفي الشاهد الواحد مع اليمين؟.
قد ورد الاكتفاء بشاهد واحد مع يمين المدعي في حقوق الناس مطلقا أو في الجملة، أما في حقوق الله فلم يرد دليل على ذلك، بل ورد ما يدل على خلافه (1).