والمفروض في المقام أن المدعي قد أقام البينة، ورواية علي بن الفضيل: - " إذا وجد رجل مقتول في قبيلة قوم، حلفوا جميعا ما قتلوه، ولا يعلمون له قاتلا " (1) التي قد يقال: إنها تشمل بالإطلاق فرض تعارض البينتين وتساقطهما - ساقطة سندا، لعدم ثبوت وثاقة علي بن الفضيل.
فإنه يقال: المفهوم عرفا من أدلة القسامة أنه التجاء إلى تحكيم اليمين عند عدم تمامية البينة التي تبين الواقع، ولا يحتمل العرف الفرق بين ما إذا كان عدم تمامية البينة بعدم وجودها أو عدم اكتمال شرائطها أو بسبب التعارض والتساقط.
مدى ثبوت الدم بالنكول:
وأما النقطة الثالثة - وهي أن المنكر لو لم يمتلك البينة ولم يحلف قسامة خمسين، ثبت عليه الدم، فجهة الغموض فيها أنه هل يثبت عليه الدم بذلك بمستوى الدية فحسب، أو يثبت عليه القصاص أيضا؟.
لعل المفهوم من الأصحاب القائلين بثبوت الدعوى عليه ثبوت القصاص أيضا في موارد القصاص، ولكنه روائيا مشكل، لأن جميع روايات الباب (2) إنما أثبتت الدية بذلك لا القصاص. نعم، موردها مورد عدم تعين القاتل في شخص معين، ومن الطبيعي في مثل ذلك الانتقال إلى الدية حتى لو آمنا بأن النكول عن اليمين يثبت حق القصاص، ولكني أقول: إنه لم يرد في الروايات ما يثبت القصاص عند نكول المنكر عن اليمين، لأنها جميعا إنما تعرضت للدية لا للقصاص.