المدعون " (1). ويفهم من هذا الحديث:
أولا - أن المدعي له طريقان لإثبات مدعاه: البينة وتهيئة خمسين قسامة.
ولعل شرط رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليهم كون البينة عدلين من غيرهم كان بنكتة أن المقصود بالطالبين في قوله: " فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للطالبين " هم أولياء الدم، أو بنكتة أن كل من يطالب بالدم - ولو لغيره بأن لم يكن هو الولي الشرعي - يعتبر خصما، فيجب أن يكون الشهود غيره. والاحتمال الأول هو الموافق للقاعدة.
وثانيا - أن المتهم بإمكانه أن يبرئ نفسه بالقسم خمسين مرة إن لم يمتلك المدعي أحد الطريقين المثبتين لدعواه، فإذا أضفنا هذا إلى قبول البينة من المنكر كما يستفاد من الحديثين الأولين، كان للمتهم أيضا طريقان للتبرئة: البينة والقسم خمسين مرة.
وثالثا - أنه لو لم يمتلك المدعي شيئا من الطريقين لإثبات مدعاه، ولم يستعد المتهم الفاقد للبينة للقسم خمسين مرة، ثبت عليه الجرم ولو بمستوى الإلزام بالدية.
فهذه نقاط ثلاث لا ينبغي الإشكال فيها في الجملة، إلا أنه ما زالت حدود هذه الأحكام الثلاثة مكتنفة بالغموض وبحاجة إلى استئناف البحث.
البينة والقسامة من المدعي:
ولنبدأ بالنقطة الأولى - وهي أن المدعي بإمكانه إثبات الدعوى بأحد طريقين: البينة وخمسين قسامة: وهذا في الجملة مما لا إشكال فيه، ولكن ينبغي البحث في حدوده من عدة نواحي: