يمتلك ذكاء خارقا بهذا الصدد، فهل يفترض القضاء بيد هذا أو بيد ذاك؟ ولا قدر متيقن هنا كي يتمسك به، وحينئذ لو قلنا بأن الضرورة الاجتماعية الدالة على الوجوب الكفائي بالغة مرتبة يستنبط منها في مثل هذا الفرض أيضا جعل حكم ظاهري بنفوذ قضاء أحدهما، فقد يطبق هنا قانون الانسداد، ويعين أحدهما بالظن، أو يقال بالتخيير، أو يقال بوجوب التعاون فيما بينهما مع الإمكان، وإصدار حكم مشترك يتصادقان عليه.
أما نحن ففي فسحة عن هذا، لأننا استفدنا شرعية القاضي المنصوب عن طريق النص.
هل يشترط الإطلاق في الاجتهاد؟
وأما بالنسبة لاشتراط الإطلاق في الاستنباط الفعلي فرواية أبي خديجة لا تدل على ذلك، ولا يبعد أن يقال: إن مقبولة عمر بن حنظلة وإن كان مقتضى الاقتصار على حاق لفظها هو اشتراط الإطلاق، ولكن المفهوم عرفا بمناسبات الحكم والموضوع أنه كان الهدف من ذكر قوله (عليه السلام): " نظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا " هو الطريقية إلى التأكد من معرفة حكم مورد القضاء، فلا يستفاد منها أكثر مما يستفاد من رواية أبي خديجة، وعلى فرض إجمالها نتمسك بإطلاق رواية أبي خديجة.
نعم التجزي بمعنى يسلب عادة الوثوق بمعرفته بالحكم في مورد القضاء - وهو التجزي في أصل الوصول إلى مرتبة قوة الاجتهاد - لا إشكال في دلالة المقبولة على عدم كفايته، ولو فرض إطلاق في رواية أبي خديجة يقيد بذلك.