حلفا قسم المال بينهما، ورواية سماعة دلت في فرض النكول على القرعة، ورواية أبي بصير دلت على الترجيح بأكثرية إحدى البينتين عددا - كما مضى شرح كل ذلك في الفرع الأول - إذن فالفرع الأول والثاني وإن اختلف الحكم فيهما بمقتضى القواعد، ولكن اتحد الحكم فيهما بمقتضى الروايات. فهنا أيضا نقول:
أولا - لو كانت إحدى البينتين أكثر عددا كان صاحبها بمنزلة المنكر، ويتجه إليه الحلف.
وثانيا - لو تساوتا حلفا، فلو حلف أحدهما كان المال له، ولو حلفا قسم المال بينهما.
وثالثا - لو نكلا عن اليمين مع تساوي البينتين اتجهنا إلى القرعة.
حالة التداعي في غير المال:
الفرع الثالث - ما لو كان النزاع على غير المال من قبيل الزوجة وقد تعارضت البينتان، وقد عرفت أن مقتضى القاعدة في ذلك هو التحالف، لا لإطلاق:
" إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان "، فإنه لا ينفي القرعة على تعيين الحالف، ولا لأن كلا منهما ينكر ما يدعيه الآخر، إذ لا قيمة للإنكار مع عدم اليد على المال، فإن مجرد نفي ما يقوله الآخر لا يثبت ما يريده، بل لما مضى من حديث سليمان بن خالد:
" أحكم بينهم بكتابي وأضفهم إلى اسمي، فحلفهم به، وقال: هذا لمن لم تقم له بينة " (1)، بناء على أن العرف يتعدى من فرض عدم البينة إلى فرض سقوطها بالتعارض، فإن حلفا أو نكلا فالقرعة لتعيين من له الحق.
ولكن روايات القرعة التي مضى حملها على غير المال قد دلت على أن المرجع في هذا الفرع هو القرعة لتعيين من عليه الحلف. وفي حديث عبد الرحمان بن أبي