كانا معا يمتلكان البينة، فالبينتان تتعارضان في مرحلة الحجية الذاتية، وتتساقطان، والحجية القضائية المعطاة لبينة المدعي كان موضوعها وفق دلالة المقام تلك البينة التي تمتلك الحجية الذاتية العقلائية. إذن فبعد أن سقطت بينة المدعي بالتعارض عن الحجية الذاتية سقطت عن الحجية القضائية، ووصلت النوبة إلى يمين المنكر.
هذا كله لو بقينا نحن وقاعدة (البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه).
مقتضى الروايات الخاصة:
وأما الروايات الخاصة في المقام: فهناك روايتان تدلان على مقالة المشهور إلا أنهما ضعيفتان سندا، ومبنى الانجبار بعمل الأصحاب غير صحيح عندنا على أنه لم يعلم كون استناد الأصحاب إليهما، فلعلهم استفادوا ذلك من رواية " أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر ". وعلى أي حال فالروايتان هما ما يلي:
الأولى - مرسلة دعائم الإسلام عن أمير المؤمنين (عليه السلام) " أنه قضى في البينتين تختلفان في الشئ الواحد يدعيه الرجلان أنه يقرع بينهما فيه إذا عدلت بينة كل واحد منهما وليس في أيديهما، فأما إن كان في أيديهما فهو فيما بينهما نصفان، وإن كان في يدي أحدهما فإنما البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " (1).
والثانية - رواية منصور قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): رجل في يده شاة فجاء رجل فادعاها فأقام البينة العدول أنها ولدت عنده، ولم يهب ولم يبع، وجاء الذي في يده البينة مثلهم عدول أنها ولدت عنده، لم يبع ولم يهب؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): حقها للمدعي، ولا أقبل من الذي في يده بينة، لأن الله - عز وجل -