والحاصل أنه مع ثبوت نقيض الدعوى شرعا على المدعي باعترافه بعدم الجزم لا دليل على صحة إقامة الدعوى ونفوذ القضاء.
ولو تنزلنا عن ذلك ورفع الدعوى إلى القاضي بلا جزم ولا بينة، جاز للمنكر رد اليمين عليه، لأن عدم قدرته على الحلف لا علاقة له بوظيفة المنكر، ومقتضى إطلاق دليل الرد أن له الرد، ولو رد لاضطر المدعي إلى النكول وحكم الحاكم لصالح المنكر.
وأما الفرع الثاني - وهو ما لو ادعى للغير الغائب أو الميت أو الصغير مثلا، فلا يبعد أن يقال بالتفصيل بين ما إذا كان وليا على المدعى له وما إذا لم يكن وليا عليه، ففي الثاني لا يعتبر هذا مدعيا وإنما يعتبر شاهدا للغير، فلو ضم إليه شاهد آخر حكم القاضي للمدعى له بسبب البينة - لو قلنا بحجيتها في مقابل أصل المنكر أو يده رغم عدم وجود مدع في المقام، كما لا تبعد مساعدة الارتكاز العقلائي على ذلك - ولو لم يضم إليه شاهد آخر فلا مبرر لتحليف المنكر أصلا لعدم وجود مدع في المقام.
وفي الأول يعتبر هذا مدعيا بالولاية، وبإمكانه الحلف لو رد اليمين عليه، لأنه جازم بدعواه.
رفع الدعوى من قبل الصبي المميز:
وبهذه المناسبة لا بأس بأن نتعرض لمسألة ما إذا كان الصبي مميزا، وتبنى هو رفع الدعوى لا وليه، فلو أقام بينة نفذت وإن كان أحد فرديها هو الولي، وإلا فلو حلف المنكر نفذ حلفه، وإن رد عليه الحلف وكان الحق المتنازع فيه في يد المنكر، أجلت الدعوى إلى حين البلوغ كي تكون يمينه شرعية، أو تبنى الولي الدعوى كي