توهم كون اليمين على البينة:
وقد ورد ما قد يوهم أن الحلف يكون على عاتق البينة، لا على عاتق المنكر، وتعين البينة التي عليها الحلف بالقرعة، وذلك ما رواه زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " قلت له رجل شهد له رجلان بأن له عند رجل خمسين درهما، وجاء آخران، فشهدا بأن له عنده مائة درهم كلهم شهدوا في موقف؟ قال: أقرع بينهم، ثم استحلف الذين أصابهم القرع بالله: أنهم يشهدون بالحق " (1)، حيث يقال: إن هذا مرجعه إلى الاتفاق على خمسين درهما والاختلاف على خمسين درهما آخر، فهنا بدلا عن تحليف المنكر جعل الحلف على البينة مع تعيين البينة التي عليها الحلف بالقرعة.
وقد يقال: إن مفاد الحديث أجنبي عن المقام، فليس بابه باب إمكانية تحليف المدعي أو المنكر أصلا، وإنما بابه باب دين ثبت بالبينة مع اختلاف البينتين في مقدار الدين، وقد يكون الدائن والمدين كلاهما شاكين في المبلغ.
وعلى أي حال فالحديث ساقط سندا بالإرسال في أثناء السند.
ثم إن ما ورد في باب تعارض البينات من الإحالة على القرعة تارة، وعلى التقسيم أخرى، وعلى تحليف الطرفين ثالثة، إن كان لها إطلاق يشمل باب المدعي والمنكر فالإطلاق يخصص بما عرفت وروده في خصوص باب المدعي والمنكر، وتلك الروايات بعد التخصيص تخصص بباب التداعي.